عَنْهَا وَخَامَةَ تَصَرُّفِهِمْ فِيهَا، وَوَبَاءَ مُسَاكَنَتِهِمْ إِلَيْهَا، فَأَطْعَمَهَا إِيَّاهُمْ، وَجَازَ بِهَا عَلَيْهِمْ، فَهُمْ فِي ضِيَافَةٍ أَيَّامَ مِنًى الَّتِي هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ تَمَامُ الضِّيَافَةِ
قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ عَقِيلٍ، قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لِلضَّيْفُ جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ» فَاللَّهُ تَعَالَى يُوسِعُ زُوَّارَهُ وَأَهْلَ ضِيَافَتِهِ طَعَامًا وَشَرَابًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عِيَالِهِ يُجْرِي عَلَيْهِمْ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ، وَمِنْ سُنَّةِ الْمُلُوكِ أَنَّهُمْ إِذَا اتَّخَذُوا ضِيَافَةً أَطْعَمُوا مَنْ عَلَى الْبَابِ، كَمَا يُطْعِمُونَ مَنْ فِي الدَّارِ، فَالْكَعْبَةُ الْبَيْتُ، وَالْحَرَمُ الدَّارُ، وَسَائِرُ أَقْطَارِ الْأَرْضِ بَابُ الدَّارِ، فَعَمَّ اللَّهُ تَعَالَى الْجَمِيعَ بِضِيَافَتِهِ، فَقَالَ ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: ٢٨]، وَقَالَ ﷻ ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ [الحج: ٣٦]، ثُمَّ النَّاسُ أَبْدَانٌ وَأَرْوَاحٌ، فَأَطْعَمَ اللَّهُ ضَيْفَهُ، وَمَنْ عَلَى بَابِهِ بِقَوْلِهِ ﷿ ﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾ [الحج: ٢٨]، فَهَذَا غِذَاءُ الْأَبْدَانِ، وَأَوْسَعَ أَرْوَاحَهُمْ مِنْ غِذَائِهَا بِقَوْلِهِ ﷿ ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ٢٠٠]، وَقَوْلُهُ ﷿ ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: ٢٠٣] فَالطَّعَامُ وَالشَّرَابُ غِذَاءُ الْأَبْدَانِ، وَذِكْرُ اللَّهِ ﷿ غِذَاءُ الْأَرْوَاحِ، لِذَلِكَ أَمَرَهُمْ بِالْأَذْكَارِ لِيَكُونَ غِذَاءً لِأَرْوَاحِهِمْ، كَمَا أَمَرَهُمْ بِالْأَكْلِ وَالْإِطْعَامِ لِيَكُونَ غِذَاءً لِأَبْدَانِهِمْ، لِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى»