119

Macani al-ahbar

مcاني الأخبار

Investigator

محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

Publisher Location

بيروت / لبنان

حَدِيثٌ آخَرُ
قَالَ الْمُصَنِّفُ ﵀ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْرُوفٍ قَالَ: ح أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَفْصٍ قَالَ: ح مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ح الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمُصَنِّفُ ﵀: وَحَدَّثَنَا الرَّشَادِيُّ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ الضَّوْءِ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: ح الرَّبِيعُ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ» قَالَ الشَّيْخُ ﵀: نِعَمُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ لَا تُحْصَى، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: ١٨]، فَمِنْ نِعَمِهِ مَا تَفَرَّدَ مِنْهَا، وَمِنْهَا مَا جَعَلَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْمُنْعِمِ عَلَيْهِ وَسَائِطَ، وَأَسْبَابًا، وَأَوْجَبَهُ حَقَّ الْوَسَايِطِ، وَتَعْظِيمَ الْأَسْبَابِ، فَأَوَّلُ ذَلِكَ الرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ ﵈، أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِيمَانَ بِهِمْ، وَالطَّاعَةَ لَهُمْ، وَلِرَسُولِهِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَهُمُ الْوَسَايِطُ فِيمَا بَيْنَ اللَّهِ، وَبَيْنَ خَلْقِهِ فِي الدُّعَاءِ إِلَيْهِ، وَالدَّلَالَةِ عَلَيْهِ، وَالسُّفَرَاءُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فِي الْبَلَاغِ عَنْهُ، وَإِيجَابِ الْأوَامِرِ، وَالنَّوَاهِي، وَالْهِدَايَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، لَيْسَ إِلَى الرُّسُلِ غَيْرُ الْبَلَاغِ وَالْبَيَانِ، كَمَا قَالَ: ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [النور: ٥٤]، وَقَالَ: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ الْلَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: ٥٦] ثُمَّ قَالَ ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢]، أَيْ: إِنَّكَ لَتَدْعُو إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَأَوْجَبَ حَقَّ الْوَالِدَيْنِ بِقَوْلِهِ ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [لقمان: ١٤]، إِذْ جَعَلَهُمَا سَبَبَ الْإِيجَادِ لِلْوَلَدِ، وَأَوْجَبَ حَقَّ الْعُلَمَاءِ، أَوْ جَعَلَهُمْ سَبَبًا لَمَّا عَلَّمَهُمْ، وَالْمُعَلِّمُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ ﷾: ﴿وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٥١]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ [الرحمن: ٢]، وَأَوْجَبَ حَقَّ السُّلْطَانِ إِذْ جَعَلَهُمْ سَبَبًا لِلْأَمْنِ فِي بِلَادِهِ، وَالْحُكَّامَ بَيْنَ عِبَادِهِ، فَقَالَ: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩]، قِيلَ: هُمُ الْأُمَرَاءُ، وَقِيلَ: هُمُ الْعُلَمَاءُ، وَلِكُلٍّ حَقٌّ وَاجِبٌ، وَفَرْضٌ لَازِمٌ ⦗١٧١⦘، فَكَذَلِكَ إِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْكَ بِوَاسِطَةِ عَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ فِي نَفْعٍ لَكَ أَوْ دَفْعٍ عَنْكَ، أَوْجَبَ عَلَيْكَ شُكْرَهُ، وَالْمُنْعِمُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: ٥٣] فَوَجَبَ عَلَيْهِ الشُّكْرُ لِلَّهِ تَعَالَى فِيمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكَ، وَوَجَبَ عَلَيْكَ شُكْرُ مَنْ جَعَلَهُ سَبَبًا لِنِعْمَةِ النَّفْعِ وَالدَّفْعِ، كَالشُّكْرِ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوَّلُهُ رُؤْيَةُ النِّعْمَةِ بِالْقَلْبِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ ﵀: الشُّكْرُ انْكِشَافُ الْغِطَاءِ عَنِ الْقَلْبِ لِشُهُودِ النِّعْمَةِ، وَالْكَثِيرُ انْكِشَافُ الشَّفَتَيْنِ عَنِ الْأَسْنَانِ لِوُجُودِ الْفَرَجِ، فَالشُّكْرُ رُؤْيَةُ الْقَلْبِ النِّعْمَةَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِاللِّسَانِ، وَالطَّاعَةُ لَهُ بِالْأَرْكَانِ، ثُمَّ الِاعْتِرَافُ بِرُؤْيَةِ التَّقْصِيرِ عَنْ بُلُوغِ شُكْرِهِ؛ لِأَنَّ الشُّكْرَ نِعْمَةٌ مِنْهُ يَجِبُ الشُّكْرُ عَلَيْهَا، وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ الْحَيْرَةُ مِنْكَ، وَشُهُودُ حَاصِلِ الشُّكْرِ عَلَيْكَ قَالَ بَعْضُ الْكِبَارِ: [البحر الطويل] سَأَشْكُرُ لَا أَنِّي أُجَازِيكَ مُنْعِمًا ... بِشُكْرِي وَلَكِنْ كَيْ يُقَالَ لَهُ: شُكْرُ وَأَذْكُرُ أَيَّامًا لَدَيَّ أَضَعْتُهَا ... وَآَخِرُ مَا يَبْقَى عَلَى الشَّاكِرِ الذِّكْرُ وَقَالَ بَعْضُ الْكِبَارِ فِي مُنَاجَاتِهِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ عَجْزِي عَنْ شُكْرِكَ، فَاشْكُرْ نَفْسَكَ عَنِّي. فَغَايَةُ الشُّكْرِ رُؤْيَةُ الْعَجْزِ عَنِ الْقِيَامِ بِالشُّكْرِ بَعْدَ بَذْلِ الْمَجْهُودِ فِي أَسْبَابِ الشُّهُودِ، وَالْقِيَامِ بِالْوَفَاءِ، وَالِاسْتِهْتَارِ بِالثَّنَاءِ، وَشُكْرِ مَنْ جَرَتِ النِّعْمَةُ عَلَى يَدَيْهِ بِالْمُكَافَأَةِ لَهُ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ. وَمَعْنَى الثَّنَاءِ نَشْرُ الْجَمِيلِ عَنْهُ، وَحُسْنُ الدُّعَاءِ لَهُ، فَمَنْ قَدَرَ كَافَأَ، وَمَنْ عَجَزَ دَعَا، وَالْمُكَافَأَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَالدُّعَاءُ عِنْدَ الْعَجْزِ أَيْسَرُ الشُّكْرَيْنِ: شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَشُكْرُ الْعِبَادِ، وَمَنْ ضَيَّعَ شُكْرَ الْعِبَادِ الَّذِي هُوَ أَيْسَرُ الشُّكْرَيْنِ، كَانَ بِشُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ أَعْظَمُهُمَا قَدْرًا، وَأَعْسَرُهُمَا مَرَامًا أَضْيَعَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَكُونُ قَائِمًا بِشُكْرِ اللَّهِ مَعَ عِظَمِ شَأْنِهِ مَنْ لَمْ يَقُمْ بِشُكْرِ النَّاسِ مَعَ حَقِّهِ مُجْمَلِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ عَلَى التَّنْبِيهِ عَلَى رُؤْيَةِ الْعَجْزِ عَنِ الْقِيَامِ بِشُكْرِ اللَّهِ ﷾ فِيمَا أَنْعَمَ لِمَعَانٍ، ⦗١٧٢⦘ أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَعْرُوفَ الَّذِي يَصْطَنِعُهُ النَّاسُ، وَإِنْ كَثُرَ فَمَعْدُودٌ مُتَنَاهٍ، وَنِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُحْصَى عَدًّا، وَلَا تَتَنَاهَى حَدًّا، وَالْإِنْسَانُ وَإِنْ كَافَأَ الْمُصْطَنِعُ إِلَيْهِ، فَلِلْمُصْطَنِعُ فَضِيلَةُ السَّبْقِ، وَلَمْ يُدْرِكْهُ الْمُكَافِئُ أَبَدًا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَشْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى، أَيْ: لَا يَقْدِرُ عَلَى شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي نِعَمِهِ الَّتِي لَا تُحْصَى مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى شُكْرِ النَّاسِ فِي الْمَعْرُوفِ الْمَحْدُودِ، الْمَعْدُودِ، الْمُحْصَى

1 / 170