Macalim Usul Din
معالم أصول الدين
Investigator
طه عبد الرؤوف سعد
Publisher
دار الكتاب العربي
Publisher Location
لبنان
Genres
Creeds and Sects
وَأما الْخصم فَإِنَّهُ قَالَ الْعلم بِكَوْن العَبْد موجدا لأفعاله ضَرُورِيّ وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن الْعلم بِحسن الْمَدْح والذم عَلَيْهِ علم ضَرُورِيّ وَالْعلم الضَّرُورِيّ حَاصِل بِأَن حسن الْمَدْح والذم يتَوَقَّف على كَون الممدوح والمذموم فَاعِلا وَمَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْعلم الضَّرُورِيّ أولى بِأَن يكون ضَرُورِيًّا
فَهَذِهِ مُقَدمَات ثَلَاث
فأولها أَن الْعلم الضَّرُورِيّ حَاصِل بِحسن الْمَدْح والذم وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن كل من أَسَاءَ إِلَيْنَا فَإنَّا نجد من أَنْفُسنَا وجدانا ضَرُورِيًّا أَنا نذمه وَمن أحسن إِلَيْنَا فَإنَّا نجد من أَنْفُسنَا وجدانا ضَرُورِيًّا بِأَنا نمدحه وَمن نَازع فِي هَذَا فقد نَازع فِي أظهر الْعُلُوم الضرورية
وَثَانِيها إِن الْعلم الضَّرُورِيّ حَاصِل بِأَن حسن الْمَدْح والذم يتَوَقَّف على علم المادح والذام بِكَوْن الممدوح والمذموم فَاعِلا وَهَذَا أَيْضا ظَاهر لِأَن من رمى وَجه إِنْسَان بآجرة فَإِنَّهُ يذم الرَّامِي وَلَا يذم الآجرة
فَإِذا قيل لذَلِك الذام لم تذم هَذَا الرَّامِي وَلَا تذم الآجرة فَإِنَّهُ يَقُول لِأَن ذَلِك الرَّامِي هُوَ الْفَاعِل لهَذَا الْفِعْل وَهَذِه الآجرة لم تفعل ذَلِك وَهَذَا يدل على أَن الْعلم الضَّرُورِيّ حَاصِل بِأَنَّهُ لَا يحسن الْمَدْح والذم إِلَّا عِنْد كَون الممدوح والمذموم فَاعِلا
وَثَالِثهَا أَن الَّذِي يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْعلم الضَّرُورِيّ يجب أَن يكون ضَرُورِيًّا وَهَذَا أَيْضا ظَاهر لِأَن الْفَرْع أَضْعَف من الأَصْل فَلَو كَانَ الأَصْل غير ضَرُورِيّ لَكَانَ بِتَقْدِير وُقُوع الشَّك فِيهِ يجب وُقُوع الشَّك فِي الْفَرْع وَحِينَئِذٍ يخرج هَذَا الْفَرْع عَن كَونه ضَرُورِيًّا
وَإِذا لاحت هَذِه الْمُقدمَات ظهر أَن الْعلم بِكَوْن العَبْد فَاعِلا علم ضَرُورِيّ مَوْقُوف على تَلْخِيص معنى كَون العَبْد فَاعِلا
1 / 87