61

ثم مضى مطرقا حتى عاد إلى أصحابه الذين كانوا ينتظرون عودته في وجوم، فوقف معهم حينا ولا يزال مطرقا، ثم رفع رأسه وقد لمعت عيناه ببريق خاطف ولاحت على وجهه بسمة ضئيلة، ونظر إلى صاحب كان إلى جواره وقال بصوت هامس: سأذهب غدا إلى أبيها.

فنظر إليه صاحبه منكرا ولم يجب، فأعاد عليه قوله: سأذهب غدا إلى أبيها لأخطبها. أتراه يردني؟

فقال صاحبه: إنك لم تسمع نصيحتي من قبل، فلا فائدة في إعادة نصحك.

فقال له الشاب باسما: وهل عرفت أن النصح ينفع من كان مثلي؟ إنني لا أملك قلبي يا بغا حتى أصرفه عنها.

فقال بغا في دفعة: ولكنك تنسى أنك الأمير صول سيد السغد وابن سيدهم. وأنت تعرف هؤلاء العرب ومبلغ كبريائهم. فهل سمعت أن أحدا منهم زوج ابنته لغريب؟ ألا تعرف ما يجيبك به أبوها إذا أنت خطبتها إليه؟

فانتفض الأمير صول غاضبا، وقال وقد احمر وجهه: أيجرؤ هذا الرجل على الإباء؟

فقال بغا: إنهم يتزوجون بناتنا حقا، ولكنهم لن يرضوا بنا أزواجا.

فقال صول وقد زاد غضبا: ألا يرضى بي أنا؟

فأجاب بغا: لن يرضى بغير عربي مثله.

فقال صول: إذا لأضرمنها عليهم حربا حامية. لأعيدن الحرب فيما بيننا إذا تجرأ الرجل فلم يرض بي صهرا.

Unknown page