156

al-Mabsūṭ

المبسوط

Publisher

مطبعة السعادة

Publisher Location

مصر

أَنَقْضِيهِمَا نَحْنُ؟ فَقَالَ: لَا»
(وَكَذَلِكَ لَا تَطَوُّعَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَبَعْدَهُ رَكْعَتَانِ) لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْآثَارِ
(وَإِنْ تَطَوَّعَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ بِسِتِّ رَكَعَاتٍ فَهُوَ أَفْضَلُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ كُتِبَ مِنْ الْأَوَّابِينَ وَتَلَا قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ [الإسراء: ٢٥]» وَلَمْ يَذْكُرْ التَّطَوُّعَ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَإِنْ تَطَوَّعَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَحَسَنٌ؛ لِأَنَّ الْعِشَاءَ نَظِيرُ الظُّهْرِ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّطَوُّعُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا
(فَأَمَّا التَّطَوُّعُ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَرَكْعَتَانِ فِيمَا رَوَيْنَا مِنْ الْآثَارِ وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا فَهُوَ أَفْضَلُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ﵁ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَمَرْفُوعًا «مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْعِشَاءِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كُنَّ لَهُ كَمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» (فَأَمَّا قَبْلَ الْفَجْرِ فَرَكْعَتَانِ) اتَّفَقَتْ الْآثَارُ عَلَيْهِمَا وَهُوَ أَقْوَى السُّنَنِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾ [ق: ٤٠] أَنَّهُ الرَّكَعَاتُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ
قَالَ (وَيُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَ انْشِقَاقِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ الْفَجْرَ الْأَخِيرَ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ فِي سَفَرٍ مَعَ أَصْحَابِهِ وَالْحَادِي يَحْدُو فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ قَالَ أَمْسِكْ فَإِنَّهَا سَاعَةُ ذِكْرٍ» وَكَانَ الْكَلَامُ عَزِيزًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَيْ شَدِيدًا وَلِأَنَّ هَذِهِ سَاعَةٌ يَشْهَدُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ جَاءَ فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى ﴿إنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: ٧٨] أَنَّهُ يَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدُوهُمْ إلَّا عَلَى خَيْرٍ
قَالَ (وَالتَّطَوُّعُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ لَا فَصْلَ بَيْنَهُنَّ إلَّا بِتَشَهُّدٍ وَقَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ) أَمَّا قَبْلَ الْجُمُعَةِ فَلِأَنَّهَا نَظِيرُ الظُّهْرِ وَالتَّطَوُّعُ قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَتَطَوَّعُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ» وَاخْتَلَفُوا بَعْدَهَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁ أَرْبَعًا وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ» وَقَالَ عَلِيٌّ ﵁ يُصَلِّي بَعْدَهَا سِتًّا أَرْبَعًا ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ ﵀ وَقَالَ عُمَرُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَرْبَعًا فَمِنْ النَّاسِ مَنْ رَجَّحَ قَوْلَ عُمَرَ بِالْقِيَاسِ عَلَى التَّطَوُّعِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَأَبُو يُوسُفَ ﵀ أَخَذَ بِقَوْلِ عَلِيٍّ ﵁ فَقَالَ يَبْدَأُ بِالْأَرْبَعِ لِكَيْ لَا يَكُونَ مُتَطَوِّعًا بَعْدَ الْفَرْضِ مِثْلَهَا وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ فَإِنَّ الْجُمُعَةَ بِمَنْزِلَةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ شَطْرُ الصَّلَاةِ
قَالَ (وَلَا صَلَاةَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ)
«فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَتَطَوَّعْ قَبْلَ الْعِيدِ مَعَ حِرْصِهِ عَلَى الصَّلَاةِ

1 / 157