Mabda Wa Macad
المبدأ والمعاد
Investigator
قدمه وصححه : الأستاذ السيد جلال الدين الآشتياني
Edition Number
الثالثة
Publication Year
1422 - 1380ش
وذاته بعينها هي الصورة العقلية من ذاته لذاته.
فكما أن الحرارة القائمة بالنار حرارة لها وإذا فرضت قائمة بذاتها. كانت حارة بنفسها حرارة لذاتها لا لشيء آخر والضوء القائم بالشمس إذا تجرد وقام بذاته كان مضيئا بنفسه وضوءا لذاته لا لشيء آخر.
كذلك الصورة المجردة ما دامت قائمة بذاتها لم تنسلخ عن المعقولية بل كانت معقول نفسه وعقل ذاته.
وكما أن المعلوم العيني يعلم بالصورة العلمية والصورة العلمية تعلم بنفسها لا بصورة علمية أخرى.
فكذلك الأشياء التي هي غير القوة العقلية إنما تعقل بقوة عقلية والقوة العقلية نفسها تعقل بنفسها لا بقوة عقلية أخرى.
فبتمهيد هذه المقدمات فضلا عن شهادة الفحص البالغ والحدس الصحيح بل الفطرة السليمة وضرب من التتبع ونوع من التجارب والاعتبار تحقق وتبين أن العلم إنما هو حصول شيء معرى عما يلابسه لأمر مجرد مستقل في الوجود بنفسه أو بصورته حصولا حقيقيا أو حكميا.
فواجب الوجود لما كان في أعلى غايات التجرد عن المواد والتقدس عن الغواشي الهيولانية وسائر ما يجعل الماهية بحالة زائدة كان عاقلا لذاته.
ولما كان إنيته حقيقته أي وجوده ماهيته فكما لا يزيد علمه بذاته على وجوده فكذلك لا يزيد على حقيقته بخلاف الجواهر المفارقة الذوات فعلومها بذواتها وإن لم يزد على وجوداتها لما ذكرنا من المساوقة بين العلم والوجود المفارقي سواء كان بالذات أو بتجريد مجرد لكن يزيد على ماهيتها إذ ليست الإنية فيها عين الماهية.
فعلم الوجود الحق بذاته أتم العلوم وأشدها نورية وأقدسها بل لا نسبة لعلمه بذاته إلى علوم ما سواه بذواتها كما لا نسبة بين وجوده ووجودات الأشياء حيث هو وراء ما لا يتناهى بما لا يتناهى.
وكما أن مناط الموجودية ومصداق حمل الوجود على الممكنات إنما هو ارتباطها بالموجود الحق وهي مع قطع النظر عن ذلك الارتباط والانتساب هالكات الذوات باطلات الحقائق فكذلك مناط عالميتها بنفسها أو بغيرها ارتباطها إلى نور الأنوار جلت عظمته استضاءتها به.
فنسبتها إليه تعالى نسبة الأجسام الكثيفة إلى نور
Page 188