Mabahig al-fikar wa manahig al-ʿibar fi ibraz wadaʾiʿ al-suwar min ihraz badaʾiʿ al-fitar
مباهج الفكر و مناهج العبر في ابراز ودائع الصور من احراز بدائع الفطر
ولإنما جمعت بينهما إقتداء بإمام المتكلمين أرسطو، في الطبيعيات، فإنه قال في كتاب الحيوان له: القبج والدراج يجمعان فراخهما تحت أجنحتهما، كما يفعل الحمام ولا تسخنان بيضهما في موضع واحد بل ينقلانه حذرًا لئلا يعرف أحد مكانه، وإذا دنا الصيد من مواضع أعشاشهما، خرجت الأنثى بين يديه لتخدعه وتصيح بفراخها فإذا صارت قريبة منها ورأت فرصة في طيرانها، طارت وتبعتها فراخها، وهذا آخر كلامه، ونقلت من مواضع متفرقة في الكتب الموضوعة في طبائع الحيوان إن فراخ القبج تخرج كما تخرج الفراريج،) كاسية كاسبة، وليس للقبج زواج، وكذلك الحجل (، ومجراه مجرى الديكة في أنها تسفد كل دجاجة، ولا تقتصر على شيء دون شيء، وإناث القبج تبيض خمس عشرة بيضة، والذكر يوصف بالقوة على السفاد كما يوصف الديك والعصفور ولكثرة سفاده يطلب موضع البيض فيكسره لئلا تنشغل الأنثى بحضنه عنه، ولهذا الأنثى إذا حان أن تبيض هربت، واختفت رغبة في الفراخ، وهي إذا هربت بهذا السبب ضرب الذكور بعضها بعضًا، وكثر صياحها، والمقهور يتبع القاهر، ويسفد القوي الضعيف، والقبج يغير صوته، بأنواع شتى بقدر حاجته إلى ذلك، ويعمر خمس عشرة سنة، والدراج متى كان الجو صاحيًا والريح شمالًا أخصب بدنه، وإن كانت الريح جنوبًا ساءت حاله لأنه ليس بطيار وريح الجنوب رطبة ثقيلة، ولا يقوى على الطيران فيها، وإن هو طار فيها أكثر الصياح لما يلحقه من التعب، ولهذا الصياد الحاذق لا يقصد صيده والريح شمال، فإنه يتصعب عليه، فإن طلب صيده والريح جنوب أخذ بسهولة.
الوصف والتشبيه
قال أبو طالب المأموني يصف دراجة أهداها له:
قد بعثنا بذات حسن بديع ... كنبات الربيع بل هي أحسن
في رداء من جلنار وآس ... وقميص من ياسمين وسوسن
وقال آخر:
صدور من الدراج نمق وشيها ... وصلن بأطراف اللجين السواذج
وأحداق تبر في خدود شقائق ... تلألأ حسنًا كأشتعال السارج
وأذناب طلع في ظهور ملاعق ... مجزعة الأعطاف صهب الدمالج
فافخر الطاووس يومًا بحسنه ... فلا حسن إلا حسن التدارج
قال أبو إسحاق يصف قبجة:
أنعت طارونية الثياب ... لابسة خزًا على الأهاب
تصنعت تصنع التصابي ... وأبرزت وجها بلا نقاب
ريان من محاسن الشباب ... مكحولة العينين كالعاب
كأنما تسقى دم الرقاب ... تسمعنا منها وراء الباب
تمتعة بالقاف في الخطاب ... كأنما تقرأ من كتاب
قهقهة الإبريق بالشراب ... أهلًا بصيادٍ لها جلاب
جاء بها كرية النصاب ... ربيبة الجبال والهضاب
ولم تدر ما بادية الأعراب ... غريبة صارت عن الأحباب
وقال أبو الحسن البغدادي المعرف بالهائم يصفها:
ولابسة ثوبًا من الخز أدكنا ... ومن أحر الديباج رانا ومعجزا
مقلدة في النمر سبجة عنبر ... على أنها لم تلتس أن تعطرا
مطرزة الكمين طرزًا تخالها ... لتقويمها في حلكة اللون أسطرا
تراها تعالي الضحك عجبًا بنفسها ... إذا أمنت من أن تخاف وتذعرا
فتظهر عند الأمن منها تبرجا ... وتظهر عند الخوف منها تسترا
ولآخر:
ولابسٍ جوشنٍ أبدًا مغطى ... بأدكن من ملابسه رقيق
بطون أبنوس ورأس ... لجيني ومنقار عقيق
وقرطاه الخلوقيان أشهى ... من الشذر المعلق في الحلوق
القول في طبائع الحبارى
ويسميه أهل مصر الحبرج، قال الجاحظ: هو من أشدالطيور طيرانًا وأبعدها شوطًا، وذلك، أنه يصاد بالبصرة، فيشق عن حوصلته بعد الذبح فيوجد الحبة الخضراء لم تتغير، ولم تفسد، وهذه الحبة شجرها البطم، ومنابته جبال الثغور الشامية، والحبارى إذا نتف ريشها، أو تحسرت، وأبطأ نباته تموت كمدًا إذا رأت صويحباتها يطرن، ولهذا الطائر خزانة بين دبره وأمعائه لا يزال فيها أبدًا سلح رقيق لزج، فمتى ألح عليه جارح ذرق عليه، فيتمعط، فعند ذلك تجتمع عليه الحباريات فينتفن ريشه طاقةً طاقةً، وفي ذلك هلاك الجارح، وهو يتغذى إذا جاع.
الوصف والتشبيه
قال الشاعر يصفها:
وداريةٍ إما تراع) تبرست (... بملحفتي وشيٍ تضمهما نشرا
وإن تر صقرًا فالسلاح سلاحها ... توليه ظهرًا تستعد به ظهرا
1 / 93