272

Al-maʾāthir al-sulṭāniyya

المآثر السلطانية

Genres

ولما علم ولى العهد بأن تحرك الروس كان حركة مذبوحة، وأنه قد غلب عليهم العجز والفتور. [ص 272] فأطلقت الراية البيضاء، التى كانت علامة الأمان بين الفرنجة، طبقا للأمر الأشرف، وأصدر الأمر للمدفعيين والجنود بالتوقف عن القذف، وأرسل أحد الأسرى إليهم، وأعلن على تلك الجماعة:" بأنه إذا سلموا مدافعهم وأسلحتهم وتقبلوا الطاعة، فلسوف تكون أرواحهم الحلوة مصونة ومأمونة من ضرر الجيش ونيران مدافع جهنم، وإذا استمروا فلن يتأهبوا للموت إلا وجميعهم طعمة للمدافع الناثرة للنيران وفجوة لحراب البنادق، ولن يسلموا من نيران المدافع المحرقة للعالم ومن هجوم الجند المشعلين للنيران" ولما رأت جماعة الروس الموت عيانا والنجاة من تلك الورطة المهلكة مستحيلة، فقد أيقنوا بأنهم إذا أظهروا التمرد والتنمر أكثر من هذا، فسوف يتعرضون جميعهم للهلاك وسوف يصبحون هدفا لقذائف المدافع والبنادق، واعتبروا أن الحصول على الأمان نعمة لا حد لها، وحضر القبطان الكبير إلى صاحب المرحمة وتوسل بذيل الأمان، فأصدر النواب نائب السلطنة الأمر إلى القائم مقام بأن يذهب إلى وسط حصنهم، وبأن ينقلهم بجميع الأسلحة والأدوات والأعلام والبنادق والسيوف وترسانة السلاح ويحضرهم إلى حضرته، وذهب القائم مقام إلى وسطهم مع شخصين أو ثلاثة، واستسلموا جميعا للطاعة بسبب رؤيتهم لأسلوب حضرته الكريم، وقد جعل حضرته الشريفة أفراد تلك الجماعة مطمئنين ومشمولين بعفو وأمان كافة أنواع إحسان خديو العهد اللامحدود وحضرة نائب السلطنة العلية. وأوصلوا إلى خدمة زحل الرفعة قطعتين من المدافع المحطمة لجبال البرز وعلمين من رايات العقاب وهما الشارة الخاصة بدولة روسيا مع شارة مايور الكبير وجميع أسلحة الجنود من البنادق والسيوف وترسانة الأسلحة والقبطانات والمهندسين والمحاربين ومعهم ثمانمائة وعشرون جنديا، وكان ما يزيد عن المائة وثمانين مصابون منهم ومرروهم من على نظر الأمير العافى عن الجرم، فألبس تلك الجماعة خلعة الأمن والأمان وكرمهم بالعفو والاطمئنان، وأصدر الأمر إلى الجراحين بأن [ص 273] يعتنوا بجرحاهم، ولا يفرقوهم من العساكر المنصورة، ورفض أن يدفنوا قتلاهم على طريقتهم، وأرسلهم فى ساعتها إلى بلاط فلك اقتدار الحضرة العلية السطانية. ولكن من ذلك الجانب، استدعى أمير خان مع العساكر المنصورة ودليل جعفر قلى آغا حماية وصيانة الحضرة العلية السلطانية على أنفسهم؛ لأنه فى تلك الأثناء كان قد استولى لواء قيامة المدافع والبنادق على أماكن الطوائف، وكانت كل أسرة قد انزوت فى هذا المرتفع واختفى كل جيش فى خيمة فى فجوة جبلية بسبب الخوف وغلبة الرعية جميعها عليهم، ورحلوا منهم ستة آلاف أسرة دون حرب وجدال وأرسلوهم إلى مقربة من قراجه داغ، وحضر أمير خان وجعفر قلى آغا إلى ركاب النصر نائلى مرامهما، وحصلا على كافة أنواع إنعام وإحسان نائب السلطنة.

ولما كان روس قلعة" بناه آباد" أيضا قد أرسلوا أربعمائة فرد من الجنود ومدفعا واحدا لإمداد المحصورين والمقتولين والرجال المكلفين من الروس فى" سلطان بود"، فأوصل حراس جيش الظفر، الذين كانوا فى طريق" عسكران" أخبارهم، فأمر نائب السلطنة أمير خان بصيدهم، وبمجرد قدوم المشار إليه، رأى الروس صورة استئصالهم وإبادتهم فى مرآة خوفهم وفزعهم، فسحبوا أنفسهم إلى قلعة" ترناؤوت"، وانشغل أمير خان بمحاصرتهم، وفى اليوم التالى، هجم نائب السلطنة بجمعه على رأسهم، وفى تلك الليلة نفسها، هرب الروس من هناك وسط البرد والأمطار والبرودة الشديدة، وسحبوا أنفسهم إلى جبل" جمرق"، وقام جيش ملجأ النصرة بتعقبهم وتتبعهم حتى سفح الجبل، واستولى منهم على عدة حراب، ورجع.

Page 313