Maʿārij al-qabūl bi-sharḥ Sullam al-wuṣūl
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Editor
عمر بن محمود أبو عمر
Publisher
دار ابن القيم
Edition
الأولى
Publication Year
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Publisher Location
الدمام
Genres
أَسْبَابَ دُخُولِهَا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَتَكْذِيبِ رُسُلِهِ كَمَا ارْتَكَبَ ذَلِكَ مَنْ خُلِقَ لَهَا "وَذَلِكَ الْوَارِثُ عُقْبَى الدَّارِ" وَهِيَ الْجَنَّةُ لِفِعْلِهِ أَسْبَابَهَا الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ ﷿ بِهَا مِنَ الْوَفَاءِ بِعَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ وَتَصْدِيقِ رُسُلِهِ وَكُتُبِهِ وَالْعَمَلِ بِجَمِيعِ طَاعَتِهِ ﵎ "وَمَنْ بِهِمْ" أَيْ: بِالرُّسُلِ "وَبِالْكِتَابِ" أَيِ: الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لِيُبَلِّغُوهَا إِلَى عِبَادِهِ وَيُبَيِّنُوهَا لِيَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا "كَذَّبَا"، "وَلَازَمَ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ" عَمَّا أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ "وَالْإِبَا" أَيِ: الِامْتِنَاعَ. وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [غَافِرٍ: ٧٠] الْآيَاتِ. وَقَالَ تَعَالَى فِيهِمْ: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ [طه: ١٢٤] الْآيَاتِ. وَغَيْرَهَا وَهَؤُلَاءِ أَكْثَرُ الثَّقَلَيْنِ كَمَا قَالَ اللَّهُ ﵎: ﴿فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٨٩] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾ [الْأَعْرَافِ: ١٠٢] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الْأَنْعَامِ: ١١٦] وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ وَجَوَابُ الشَّرْطِ "فَذَاكَ" أَيِ: الْمُكَذِّبُ بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ رُسُلَهُ الْآبِي مِنْهُ الْمُعْرِضُ عَنْهُ الْمُصِرُّ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ عَلَيْهِ هُوَ "نَاقِضٌ كِلَا الْعَهْدَيْنِ" الْمِيثَاقِ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَفَطَرَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ وَمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنْ تَجْدِيدِ الْمِيثَاقِ الْأَوَّلِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ "مُسْتَوْجِبٌ "بِفِعْلِهِ ذَلِكَ "لِلْخِزْيِ فِي الدَّارَيْنِ" أَيْ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾ [لقصص: ٤٢] وَقَدْ وَفَّى بِذِكْرِ الْفَرِيقَيْنِ الْمُوفِينَ بِالْعَهْدِ وَالنَّاقِضِينَ لَهُ وَمَا لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَمَا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَوْلُ اللَّهِ ﷿: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ﴾ أَيْ: فِيمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ وَهُمُ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ ﴿الْحُسْنَى﴾ الْجَنَّةُ ﴿وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ﴾ وَهُمُ الْفَرِيقُ الثَّانِي ﴿لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [الرَّعْدِ: ١٨] وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ
1 / 96