Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Investigator
عمر بن محمود أبو عمر
Publisher
دار ابن القيم
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Publisher Location
الدمام
Genres
الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ:
وَقَدْ أَخْبَرَنَا الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ ﷺ أَنَّ الْفِرْقَةَ النَّاجِيَةَ هُمْ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ كَذَلِكَ بَلْ إِنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ سُنَنِهِ الْمَرْوِيَّةِ وَآثَارِهِ الْمُصْطَفَوِيَّةِ الَّتِي هِيَ الشَّرِيعَةُ الْغَرَّاءُ وَالْمَحَجَّةُ الْبَيْضَاءُ وَهَؤُلَاءِ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْهَا وَأَنْفَرِهِمْ مِنْهَا، وإنما تصلح هده الصِّفَةُ لِحَمَلَتِهَا وَحُفَّاظِهَا وَنُقَّادِهَا الْمُنْقَادِينَ لَهَا الْمُتَمَسِّكِينَ بِهَا، الذَّابِّينَ عنها يقفون يَقِفُونَ عِنْدَهَا وَيَسِيرُونَ بِسَيْرِهَا، لَا يَنْحَرِفُونَ عَنْهَا يَمِينًا وَلَا شِمَالًا وَلَا يُقَدِّمُونَ عَلَيْهَا لِأَحَدٍ مَقَالًا وَلَا يُبَالُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلَا يَضُرُّهُمْ ذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ ﵎، أَعْنِي بِذَلِكَ أَئِمَّةَ الْحَدِيثِ وَجَهَابِذَةَ السُّنَّةِ وَجَيْشَ دَوْلَتِهَا الْمُرَابِطِينَ عَلَى ثُغُورِهَا الْحَافِظِينَ حُدُودَهَا الْحَامِينَ حَوْزَتَهَا وَفَّقَهُمُ اللَّهُ ﷿ لِلِاسْتِضَاءَةِ بِنُورِهَا وَالِاهْتِدَاءِ بِهَدْيِهَا الْقَوِيمِ، وَهَدَاهُمْ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، فَآمَنُوا بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ كِتَابِهِ وَأَخْبَرَ بِهِ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ مُحَمَّدٌ ﷺ فِي سُنَّتِهِ، وَتَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ وَالتَّسْلِيمِ إِثْبَاتًا بِلَا تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ وَتَنْزِيهًا بِلَا تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ فَهُمُ الْوَسَطُ فِي فِرَقِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ هِيَ الْوَسَطُ فِي الْأُمَمِ فَهُمْ وَسَطٌ فِي بَابِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ أَهْلِ التَّعْطِيلِ الْجَهْمِيَّةِ وَأَهْلِ التَّمْثِيلِ الْمُشَبِّهَةِ وَهُمْ وَسَطٌ فِي بَابِ أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ الْجَبْرِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَفِي
1 / 61