Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Investigator
عمر بن محمود أبو عمر
Publisher
دار ابن القيم
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Publisher Location
الدمام
Genres
يَخْلُقُهُ بِقَوْلٍ قَبْلَهُ وَهُوَ خَلْقٌ حَتَّى يَصِيرَ إِلَى مَا لَا غَايَةَ لَهُ وَلَا عَدَدَ وَلَا أَوَّلَ، وَفِي هَذَا إِبْطَالِ تَكْوِينِ الْخَلْقِ وَإِنْشَاءِ الْبَرِّيَّةِ وَإِحْدَاثُ مَا لَمْ يَكُنْ قَبْلُ، بِحَدَثِ اللَّهِ الشَّيْءَ وَنَشْئِهِ١، وَهَذَا قَوْلٌ لَا يَتَوَهَّمُهُ ذُو لُبٍّ لَوْ تَفَكَّرَ فِيهِ وَوُفِّقَ لِإِدْرَاكِ الصَّوَابِ وَالرَّشَادِ، قَالَ اللَّهُ ﷾: ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ﴾ [الْأَعْرَافِ: ٥٤] فَهَلْ يَتَوَهَّمُ مُسْلِمٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ،بِخَلْقِهِ أَلَيْسَ مَفْهُومًا -عِنْدَ مَنْ يَعْقِلُ عَنِ اللَّهِ خِطَابَهُ- أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي سَخَّرَ بِهِ غَيْرُ الْمُسَخَّرِ بِالْأَمْرِ وَأَنَّ الْقَوْلَ غَيْرُ الْمَقُولِ لَهُ؟ فَتَفَهَّمُوا يَا ذَوِي الْحِجَا عَنِ اللَّهِ خِطَابَهُ، وَعَنِ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى ﷺ بَيَانَهُ، لَا تَصُدُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ فَتَضِلُّوا كَمَا ضَلَّتِ الْجَهْمِيَّةُ عَلَيْهِمْ لِعَائِنُ اللَّهِ، فَاسْمَعُوا الْآنَ الدَّلِيلَ الْوَاضِحَ الْبَيِّنَ غَيْرَ الْمُشْكِلِ مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ ﷺ بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ مَوْصُولًا إِلَيْهِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ خَلْقِ اللَّهِ وَبَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى٢. ثُمَّ سَاقَ الْأَحَادِيثَ فِي ذِكْرِ كَلِمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى حَدِيثِ: "أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ" ٣، ثُمَّ قَالَ: أَفَلَيْسَ الْعِلْمُ مُحِيطًا يَا ذَوِي الْحِجَا أَنَّهُ غَيْرُ جائز أن يأمر النَّبِيُّ ﷺ بِالتَّعَوُّذِ بِخَلْقِ اللَّهِ مِنْ شَرِّ خَلْقِهِ، هَلْ سَمِعْتَ عَالِمًا يُجِيزُ أَنْ يَقُولَ أَعُوذُ بِالْكَعْبَةِ مِنْ شَرِّ خَلْقِ اللَّهِ، أَوْ يُجِيزُ أَنْ يَقُولَ أَعُوذُ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَوْ أعوذ بعرفات أو منى مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ اللَّهُ، هَذَا لَا يَقُولُهُ وَلَا يُجِيزُ الْقَوْلَ بِهِ مُسْلِمٌ يَعْرِفُ دِينَ اللَّهِ، مُحَالٌ أَنْ يَسْتَعِيذَ مُسْلِمٌ بِخَلْقِ اللَّهِ مِنْ شَرِّ خَلْقِهِ٤. ثُمَّ سَاقَ بَحْثًا طَوِيلًا فَلْيُرَاجَعْ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ بْنُ خَازِمٍ الضَّرِيرُ ﵀: الْكَلَامُ فِيهِ بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ، مَا تَكَلَّمَ فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ وَلَا الصَّحَابَةُ ﵃ وَلَا التَّابِعُونَ وَلَا الصَّالِحُونَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. يَعْنِي قَوْلَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ. وَذُكِرَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ هُوَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ مَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَقَالَ: وَاللَّهِ وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا حَتَّى خَرَجَ ذَاكَ الْخَبِيثُ جَهْمٌ. وَكَلَامُ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ يَطُولُ ذِكْرُهُ وَلَوْ أَرَدْنَا
١ سقطت كلمة "وبخلقه".
٢ التوحيد لابن خزيمة "ص١٦١-١٦٢".
٣ تقدم ذكره وأنه في الصحيح "مسلم".
٤ التوحيد لابن خزيمة "ص١٦٥-١٦٦".
1 / 279