198

Maʿārij al-qabūl bi-sharḥ Sullam al-wuṣūl

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Editor

عمر بن محمود أبو عمر

Publisher

دار ابن القيم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Publisher Location

الدمام

Genres

أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ سَلَفًا وَخَلَفًا مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَمِمَّنْ لَمْ نَذْكُرْ مِنْ أَنَّ رَبَّنَا وإلهنا فوق سمواته عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا هُمْ عَلَيْهِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ، وَاسْتِوَاؤُهُ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي عَنَاهُ وَأَرَادَهُ كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِ رَبِّنَا وعظمته، لا تتكلف لِذَلِكَ تَأْوِيلًا وَلَا تَكْيِيفًا بَلْ نَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِمَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ عَلَى مُرَادِ اللَّهِ، وَآمَنَّا بِرَسُولِ اللَّهِ وَبِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَا نَطْلُبُ إِمَامًا غَيْرَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَا نَتَخَطَّاهُمَا إِلَى غَيْرِهِمَا وَلَا نَتَجَاوَزُ مَا جَاءَ فِيهِمَا، فَنَنْطِقُ بِمَا نَطَقَا بِهِ وَنَسْكُتُ عَمَّا سَكَتَا عَنْهُ وَنَسِيرُ سَيْرَهُمَا حَيْثُ سَارَا وَنَقِفُ مَعَهُمَا حَيْثُ وَقَفَا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
وَمَعَ ذَا مُطَّلِعٌ إِلَيْهِمُو ... بعلمه مهيمن عليهمو
وَذِكْرُهُ لِلْقُرْبِ وَالْمَعِيَّهْ ... لَمْ يَنْفِ لِلْعُلُوِّ وَالْفَوْقِيَّهْ
فَإِنَّهُ الْعَلِيُّ فِي دُنُوِّهِ ... وَهْوَ الْقَرِيبُ جَلَّ فِي عُلُوِّهِ
"وَمَعَ ذَا" الِاتِّصَافِ بِالْعُلُوِّ وَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَالْمُبَايَنَةِ مِنْهُ لِخَلْقِهِ ﵎ فَهُوَ "مُطَّلِعٌ" ﷾ "إِلَيْهِمُو" الْوَاوُ لِلْإِشْبَاعِ "بِعِلْمِهِ" الْمُحِيطِ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ، كَمَا جَمَعَ ﵎ بَيْنَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ ﷿: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى، وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ [طه: ٥-٧] فَجَمَعَ تَعَالَى بَيْنَ اسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ وَبَيْنَ عِلْمِهِ السِّرَّ وَأَخْفَى، وَكَذَلِكَ جَمَعَ ﷿ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الْحَدِيدِ: ٣] وَهُوَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ وَالْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ وَالظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَهُ شَيْءٌ وَالْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَهُ شَيْءٌ، هَكَذَا فَسَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ١. وَكَذَلِكَ جَمَعَ تَعَالَى بَيْنَهُمَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلِيهَا فَقَالَ ﷿: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ

١ تقدم ذكره.

1 / 204