Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool

Hafiz ibn Ahmad Hakami d. 1377 AH
131

Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Investigator

عمر بن محمود أبو عمر

Publisher

دار ابن القيم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Publisher Location

الدمام

Genres

نُفَاةُ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ بَلْ هُمْ نُفَاةُ وُجُودِ ذَاتِهِ، وَبَيْنَ مُشَبِّهٍ لَهُ بِالْمَخْلُوقَاتِ مُمَثِّلٍ صِفَاتِهِ تَعَالَى بِصِفَاتِ الْحَادِثَاتِ الْمُحْدَثَاتِ حَاكِمِينَ عَلَيْهِ بِعُقُولِهِمْ وَاصِفِينَ لَهُ بِمَا لَمْ يَصِفْ بِهِ نَفْسَهُ. وَآخَرُونَ جَحَدُوا إِرَادَتَهُ وَمَشِيئَتَهُ النَّافِذَةَ وَقُدْرَتَهُ الشَّامِلَةَ وَأَفْعَالَهُ وَحِكْمَتَهُ وَحَمْدَهُ وَجَعَلُوا أَنْفُسَهُمْ هُمُ الْفَاعِلِينَ لِمَا شَاءُوا الْخَالِقِينَ لِمَا أَرَادُوا مِنْ دُونِ مَشِيئَةٍ لِلَّهِ وَلَا إِرَادَةٍ، وَجَحَدُوا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ خَلَقَهُمْ وَمَا يَعْمَلُونَ، وَآخَرُونَ جَعَلُوا قَضَاءَهُ وَقَدَرَهُ حُجَّةً لَهُمْ عَلَى تَرْكِ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، وَأَنَّهُمْ لَا قُدَرَةَ لَهُمْ وَلَا اخْتِيَارَ، وَأَنَّهُ كَلَّفَهُمْ بِفِعْلِ مَا لَا يُطَاقُ فِعْلُهُ وَتَرْكِ مَا لَا يُطَاقُ تَرْكُهُ، وَجَعَلُوا مَعَاصِيَهُ طَاعَاتٍ إِذْ وَافَقَتْ مَشِيئَتَهُ الْكَوْنِيَّةَ وَقَدَرَهُ الْكَوْنِيَّ فَخَاصَمُوهُ بِمَشِيئَتِهِ وَأَقْدَارِهِ وَعَطَّلُوا أَوَامِرَهُ وَنَوَاهِيَهُ وَنَسَبُوهُ إِلَى الظُّلْمِ تَعَالَى، وَأَنَّ تَعْذِيبَهُ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَلَمْ يُقِمِ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُؤْتِ الزَّكَاةَ وَلَمْ يَصُمْ وَلَمْ يَحُجَّ وَلَمْ يَعْمَلِ الطَّاعَاتِ وَلَمْ يَتْرُكِ الْمَعَاصِيَ كَتَعْذِيبِ الذَّكَرِ لَمْ يَصِرْ أُنْثَى وَالْأُنْثَى لَمْ تَصِرْ ذَكَرًا، وَأَنَّ أَمْرَهُمْ بِالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا كَأَمْرِ الْآدَمِيِّ بِالطَّيَرَانِ وَالْأَعْمَى بِنَقْطِ الْمَصَاحِفِ، أُولَئِكَ خُصَمَاءُ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ وَالْجَاحِدُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا، وَرَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ عَرَفُوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ وَقَدَرُوهُ حَقَّ قَدْرِهِ وَوَحَّدُوهُ بِإِلَهِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَثْبَتُوا لَهُ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ، وَنَفَوْا عَنْهُ التَّمْثِيلَ وَآمَنُوا بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، وَتَلَقَّوْهُ بِالرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مُوجَبُ رُبُوبِيَّتِهِ وَمُقْتَضَى إِلَهِيَّتِهِ وَاللَّائِقُ بِحِكْمَتِهِ وَحَمْدِهِ، وَتَلَقَّوْا أَمْرَهُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَالِامْتِثَالِ وَالِانْقِيَادِ، وَوَقَفُوا عِنْدَ نَوَاهِيهِ وَحُدُودِهِ فَلَمْ يَعْتَدُوهَا، وَنَزَّلُوا كُلًّا مِنَ الْقَدَرِ وَالشَّرْعِ مَنْزِلَتَهُ وَلَمْ يَنْصِبُوا الْخِصَامَ بَيْنَهُمَا، فَالْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ يُؤْمَنُ بِهِ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ يُطَاعُ وَيُمْتَثَلُ. فَالْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ مِنْ كَمَالِ التَّوْحِيدِ وَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالْقِيَامُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مُوجَبُ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَمَنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَيَنْقَادُ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَهُوَ مُكَذِّبٌ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَوْ نَطَقَ بِهِمَا بِلِسَانِهِ. وَهَذَا الْبَحْثُ سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ عَنْ قَرِيبٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَإِنَّمَا ساقنا إليه ههنا الْكَلَامُ عَلَى كَمَالِ أَحَدِيَّةِ اللَّهِ ﷿ فِي إِلَهِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَقَدَرِهِ وَشَرْعِهِ، وَأَنَّهُ لَا مُعَارِضَ لِمَشِيئَتِهِ وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَأَنَّ الْمَخْلُوقَ لَا تَصَرُّفَ لَهُ فِي نَفْسِهِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى مَا لَمْ يُقَدِّرْهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، فَكَيْفَ يُسَوِّي بِهِ

1 / 137