Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool

Hafiz ibn Ahmad Hakami d. 1377 AH
126

Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Investigator

عمر بن محمود أبو عمر

Publisher

دار ابن القيم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Publisher Location

الدمام

Genres

"الْبَارِئُ" أَيِ: الْمُنْشِئُ لِلْأَعْيَانِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ وَالْبَرْءُ هُوَ الْفَرْيُ وَهُوَ التَّنْفِيذُ وَإِبْرَازُ مَا قَدَّرَهُ وَقَرَّرَهُ إِلَى الْوُجُودِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ قَدَّرَ شَيْئًا وَرَتَّبَهُ يَقْدِرُ عَلَى تَنْفِيذِهِ وَإِيجَادِهِ سِوَى اللَّهِ ﷿ كَمَا قِيلَ: وَلَأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ وَبَعْضُ الْقَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لَا يَفْرِي. أَيْ: أَنْتَ تُنَفِّذُ مَا خَلَقْتَ أَيْ: قَدَّرْتَ بِخِلَافِ غَيْرِكَ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ كُلَّ مَا يُرِيدُ، فَالْخَلْقُ التَّقْدِيرُ، وَالْفَرْيُ التَّنْفِيذُ. "الْمُصَوِّرُ" الْمُمَثِّلُ لِلْمَخْلُوقَاتِ بِالْعَلَامَاتِ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ، أَيِ: الَّذِي يُنَفِّذُ مَا يُرِيدُ إِيجَادَهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يُرِيدُهَا، يُقَالُ: هَذِهِ صُورَةُ الْأَمْرِ أَوْ مِثَالُهُ، فَأَوَّلًا يَكُونُ خَلْقًا ثُمَّ بَرْءًا ثُمَّ تَصْوِيرًا، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَسْمَاءِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْحَشْرِ فِي خَاتِمَتِهَا ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ﴾ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: أَيِ: الَّذِي إِذَا أَرَادَ شَيْئًا قَالَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يُرِيدُ وَالصُّورَةِ الَّتِي يَخْتَارُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ [الِانْفِطَارِ: ٨] . "بَارِي الْبَرَايَا" جَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ "مُنْشِئُ الْخَلَائِقِ" أَيْ: جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ "مُبْدِعُهُمْ" أَيْ: خَالِقُهُمْ وَمُنْشِئُهُمْ وَمُحْدِثُهُمْ، يُفَسِّرُ ذَلِكَ "بِلَا مِثَالٍ سَابِقِ" أَيْ: بِلَا نَظِيرٍ سَالِفٍ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْبِدْعَةُ بِدْعَةً؛ لِأَنَّهَا عَلَى غير مثال سبق فِي الشَّرْعِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الْبَقَرَةِ: ١١٧] أَيْ: مُحْدِثُهَا وَمُوجِدُهَا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ. وَهَذَا مُفَسِّرٌ لِلْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. الْأَوَّلُ الْمُبْدِي بِلَا ابْتِدَاءِ ... وَالْآخِرُ الْبَاقِي بِلَا انْتِهَاءِ "الْأَوَّلُ" فَلَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ "الْمُبْدِئُ" الَّذِي يُبْدِئُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ "بِلَا ابْتِدَاءِ" لِأَوَّلِيَّتِهِ تَعَالَى "وَالْآخِرُ" فَلَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ "الْبَاقِي" وَكُلُّ مَا سِوَاهُ فَانٍ "بِلَا انْتِهَاءِ" لِآخِرِيَّتِهِ تَعَالَى، قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الْحَدِيدِ: ٣] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ [يُونُسَ: ٣٤] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ

1 / 132