278

maʿaʾl-mushakkikīn fī al-Sunna

مع المشككين في السنة

Editor

فاروق يحيى محمد الحاج

Genres

وهذا الحديث يُجاب عليه بالآتي:
١ - هذا الحديث قال عنه الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وأقره الذهبي بقوله: «صحيح» (^١).
وليس كما قالا، وإنما هو حديث ضعيف الإسناد، فقد رواه الإمام أحمد في "مسنده" والحاكم في "مستدركه" من طريق أحمد بإسناده عن مغيرة عن أم موسى
-وفي "المستدرك": «أبو موسى»، وهو تصحيف- عن أم سلمة ﵂ قالت، الحديث.
ومغيرة هو ابن مقسم الضبيّ الكوفي، قال ابن حجر: «ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم» (^٢).
قلت: وهو هنا قد دلّس، حيث روى بالعنعنة، فلا يُقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع، كما قال أهل هذا الشأن.
وأمَّا أم موسى فقد قال عنها ابن حجر أيضًا: «سُرِّية علي، قيل: اسمها فاختة، وقيل: حبيبة، مقبولة» (^٣).
وهذا يعني أنها ضعيفة، إلا إذا تُوبعت فإنه يتقوى حديثها، وحيث لا متابعة هنا ولا شاهد فالحديث ضعيف. هذا من ناحية.
٢ - لا يوجد أي تعارض بين حديث عائشة ﵂ السابق وبين حديث أم سلمة ﵂ هذا، فإن مراد أم سلمة ﵂: أن عليًا ﵁ هو أقرب الرجال عهدًا برسول الله ﷺ؛ بدليل: أن فاطمة ﵂ كانت موجودة لما قُبض ﵊، فقد أخرج البخاري عن أنس ﵁ قال: (لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ ﷺ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ -أي: كرب الموت-، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ ﵍: وَا كَرْبَ أَبَاهُ! فَقَالَ لَهَا: لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ. فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهْ مَنْ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ، يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ. فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ ﵍: يَا أَنَسُ! أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ التُّرَابَ) (^٤).

(^١) المستدرك للحاكم (٣/ ١٤٩).
(^٢) تقريب التهذيب لابن حجر (ص:٥٤٣).
(^٣) المصدر السابق (ص:٧٥٩).
(^٤) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب مرض النبي ﷺ ووفاته (٦/ ١٥)، رقم (٤٤٦٢).

1 / 277