maʿaʾl-mushakkikīn fī al-Sunna
مع المشككين في السنة
Editor
فاروق يحيى محمد الحاج
Genres
الشبهة السادسة
حديث وفاة رسول الله ﷺ في حجر عائشة ينافي أحاديث موته في حجر علي
الحديث السادس الذي رده صاحب الرسالة: حديث عائشة ﵂ في أن النبي ﷺ مات على صدرها.
يقول صاحب الرسالة:
«روى البخاري بسنده عن عائشة ﵂ قالت: (دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي، وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَأَبَدَّهُ (^١) رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَصَرَهُ، فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَقَصَمْتُهُ وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَاسْتَنَّ بِهِ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَنَّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَفَعَ يَدَهُ أَوْ إِصْبَعَهُ ثُمَّ قَالَ: فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى. ثَلَاثًا، ثُمَّ قَضَى. وَكَانَتْ تَقُولُ: مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي) (^٢)». اهـ.
أدلة صاحب الرسالة على رد وإنكار الحديث:
لقد ردَّ صاحب الرسالة هذا الحديث وحكم عليه بالبطلان؛ وذلك لأنه كما يقول: «١ - يخالف الأحاديث الصحيحة والمتواترة التي جاءت عن طريق آل البيت الأطهار وعلماء السُّنَّة الأخيار في "نهج البلاغة" وغيرها.
٢ - ولأن روايته تدور على ناصبي من أعداء علي ولاعنيه.
٣ - ولأن العقل والمنطق يرفضان هذه الرواية؛ لأن سيدنا عليًا وبعضًا من بني هاشم لم يفارقوا رسول الله ﷺ في حالته تلك، فقد كانوا يترددون إليه في كلِّ آونة.
وأنَّى للسيدة عائشة ﵂ أن تسند إلى صدرها رسول الله ﷺ وهو في تلك الحالة الشديدة حالة الاحتضار مع صغر سنها وضعف بنيتها، مع أن حضورها مع من ذكرنا من القرابات حرام.
(^١) اللفظة في الرسالة: (فَأَمَدَّهُ). والمثبت من صحيح البخاري.
(^٢) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب مرض النبي ﷺ ووفاته (٦/ ١٠ - ١١)، رقم (٤٤٣٨).
قال ابن حجر: «والمراد: أنه مات ورأسه بين حَنَكِهَا وصدرها ﷺ ورضي عنها». فتح الباري لابن حجر (٨/ ١٣٩).
وعن عائشة ﵂ قالت: (تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ فِي بَيْتِي وَفِي نَوْبَتِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي). صحيح البخاري، كتاب فرض الخُمُس، باب ما جاء في بيوت أزواج النبي ﷺ وما نسب من البيوت إليهن (٤/ ٨١)، رقم (٣١٠٠)، وصحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها (٤/ ١٨٩٣)، رقم (٢٤٤٣).
ومعنى قولها ﵂: (تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي): «تريد أنه مات وهو مستند لصدرها ما بين جوفها وعنقها». فتح الباري لابن حجر (١/ ١٣٠).
وهذا لا ينافي حديثها السابق ﵂: أن النبي ﷺ (مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي)؛ لأن «ما بين الْحَاقِنَةِ والذَّاقِنَةِ هو ما بين السَّحْرِ والنحر». فتح الباري لابن حجر (٨/ ١٣٩).
1 / 275