221

maʿaʾl-mushakkikīn fī al-Sunna

مع المشككين في السنة

Editor

فاروق يحيى محمد الحاج

Genres

ومع عِظَم هذه المكانة لآل البيت عند أهل السُّنَّة إلا إنهم لا يعتقدون أنهم خير النَّاس ولا أفضلهم مطلقًا؛ لأن الخيرية عند الله تعالى لا تكون إلا بالتقوى، قال سبحانه: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات:١٣].
وعن أبي هريرة ﵁: (قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَتْقَاهُمْ) (^١).
ويختص الصحابة منهم بفضائل لا تكاد تخفى على أحد.
أمَّا نسبهم فلا يطالهم فيه ذو نسب، ولا يبزّهم فيه أحد، فعن واثلة بن الأسقع ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ) (^٢).
وكذلك لا يعتقدون فيهم العصمة؛ لأن العصمة لا تكون إلا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأمَّا من عداهم فإنهم يُصيبون ويُخطئون، ويُحسنون ويُسيئون؛ لقوله ﷺ: (كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) (^٣).
وأيضًا لا يعتقدون أنهم سفن النجاة، كما يقول صاحب الرسالة وغيره؛ إذ أن سفن النجاة في الحقيقة هم الأنبياء ﵈ والأعمال الصالحة فقط، أمَّا آل البيت فمنهم الظالم لنفسه ومنهم المقتصد ومنهم السابق بالخيرات بإذن الله، مثل غيرهم من البشر.

(^١) صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (١٢٥)﴾ [النساء:١٢٥] (٤/ ١٤٠)، رقم (٣٣٥٣)، وصحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب من فضائل يوسف ﵇ (٤/ ١٨٤٦)، رقم (٢٣٧٨).
(^٢) صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي ﷺ وتسليم الحجر عليه قبل النبوة (٤/ ١٧٨٢)، رقم (٢٢٧٦).
(^٣) مسند أحمد (٢٠/ ٣٤٤)، رقم (١٣٠٤٩)، وسنن الدارمي، كتاب الرقاق، باب في التوبة (٣/ ١٧٩٣)، رقم (٢٧٦٩)، وسنن ابن ماجة، كتاب الزهد، باب ذكر التوبة (٢/ ١٤٢٠)، رقم (٤٢٥١)، وسنن الترمذي، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع، باب -ولم يذكر له عنوانًا- (٤/ ٦٥٩)، رقم (٢٤٩٩). وقال الألباني: «حسن». صحيح سنن ابن ماجة للألباني (٣/ ٣٨٣)، رقم (٣٤٤٧).

1 / 222