217

maʿaʾl-mushakkikīn fī al-Sunna

مع المشككين في السنة

Editor

فاروق يحيى محمد الحاج

Genres

وهذا الكلام مرفوض جملة وتفصيلًا، فمعاوية ﵁ أحد أصحاب رسول الله ﷺ من مسلمة الفتح أو أسلم قبل ذلك بقليل، وقد قال الله تعالى في أصحاب نبيه ﷺ الذين أسلموا وأنفقوا قبل الفتح وبعده: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [الحديد:١٠].
ثانيًا: أنه ﵁ أحد كتبة الوحي بين يدي النبي ﷺ، ولم يكن ﵊ يعهد بذلك إلا لأمين، وولاه عمر بن الخطاب ﵁ على الشام بعد موت أخيه يزيد ﵁، ولم يزل واليًا عليها حتى وفاة عمر ﵁، ثم أقره عثمان ﵁ عليها مدة خلافته كلها، ثم استقل بالخلافة بعد مقتل علي ﵁ وتنازُل الحسن ﵁ له سنة إحدى وأربعين، وبايعه الصحابة ﵃، فسُمي ذلك العام: "عام الجماعة".
ثالثًا: أنه ﵁ عند فريق من أهل السُّنَّة -كما تقدم- خال المؤمنين؛ لكون أخته أم حبيبة ﵂ إحدى أمهات المؤمنين.
رابعًا: قال ابن تيمية عنه في مواضع من فتاويه: «إن إيمانه ثابت بالنقل المتواتر والإجماع، وإنه ممن حَسُن إسلامه، وإنه هو ومسلمة الفتح دخلوا في عموم قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة:٢٦]. -أي: أنه من المؤمنين-.
ودخلوا في قوله: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [الحديد:١٠]، وفي قوله: ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة:١٠٠].
وأنه لم يتهمه أحد بنفاق، ولو كان عمر بن الخطاب ﵁ يتخوف النفاق منه لم يوله، وأنه أول ملوك المسلمين وأفضلهم باتفاق العلماء، وكانت رعيته تشكر سيرته، وخلافته شابها الملك، ولكنه كان ملكًا ورحمة، وليس ذلك قادحًا فيها، وإن جميع علماء الصحابة والتابعين متفقون على أنه صادق على رسول الله ﷺ مأمون عليه في الرواية عنه» (^١).

(^١) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (٣٦/ ٥٦ - ٥٧).

1 / 218