Ma Yatabaqqa Kull Layl Min Layl
ما يتبقى كل ليلة من الليل
Genres
كانت تصرخ في وجعي: خذني.
امرأة مثل دبيب النمل على الجرح، مثل صراخ الطرشان إلى الطرشان، مثل خروج الأسماك من الرمل الحارق في شط الموت، مثل جراثيم الروح الموبوءة بالعلة، امرأة مثل صخور المعبد أن تعبد، كانت تصرخ أن آخذها، أن أشتريها منها بلا ثمن أو قبلة، امرأة مثل رماد الأشياء لا تدل على الأشياء، سوى صفة الوقت دليل خيانتها الكبرى.
حزمت جسدها في كتلة واحدة مثل قبضة اليد، لوحت به في الهواء كحجر، ثم قذفته نحوي، عبر أمام عيني كطائر مخبول، ثم هوى في المكان: «يضع لي بعض نقاط من مشروبه الأحمر في كوب اللبن، فأحسب أنني أطير، أستطيع أن أميز النشوة اللذيذة تلك، في ذلك العمل المبكر جدا، وما بين نومي وصحوي أصابعه تعبث في المابين، تتزحلق بخفة ورقة، عيناه المدمعتان تحملقان في عيني، كنت لا أفهم ما يفهم، ولم أعرف أن ذلك من الغرائب، ولا حتى في اليوم الذي كف فيه عن فعل ذلك بإصبعه، واستخدم أصبعا أكبر، أصبع لا ظفر لها، تعرق بين وقت وآخر مسيلة دما أبيض، لا أدري كم مرت من السنوات والأزمان وهي تعرق في أحشائي؟ قالت لي أمي: لا يمكنني فعل شيء، فقط تجنبيه.»
كانت وحيدة، ضائعة في ذات مقسمة لشظايا، مسمومة ومجروحة في أكثر من عضو وأرواح شتى، وأعرف أنها تعني ذلك وتعيه، في وحدتها حشدها، وفي ضجيجها سكونها، وعلى الجسد المرمي هنا الآن كل السعادة والحزن، يترهل قليلا عند الفخذين، على فمها شفتان ليستا للكلام، كجناحي عصفور تستخدمهما محاولة الطيران بعيدا عنها وعني.
سوف لا أغفر لك خطاياي، لا تغفرين لي عثرات الروح، أنا وأنت ما كان علينا سوى أن نأثم، أن نتمرغ في وحل الشهوات، مزيدا من الإثم يعني أننا نعيش في الوقت، ونتلمس حرارة المكان، وأن الدم يجري، «أحبك» لا أعرف معنى الكلمات الأخرى، لا يرسم قلمي وسمات الكره على جسدك: «يتكور الجسد المرة تلو الأخرى، يصفر، يسود، يبيض، يدمل، يدمي، تطوف أصابعه على ظهري، وظهري مسنون كالسكين، عظام ليلة البارحة، شحوم الأمس المحموم، ضلالات التشهي، دعاء الغفران، لسعة شمس طازجة، قالت لي: خذني.»
رائحة الأنثى أتحسسها بأناملها، تعطي مما تفتقد، الحياة معركتها الأخيرة، لا وقت لديها لتضيعه هنا، ستستغل أول قاطرة إليها في عزلتها، كنا نحتفل بالنصر عندما نفشل في تحقيق الهزيمة بنا، أحملها في كفي، ليست كشجرة مزهرة، ولا طفلة ملائكية، ولا إكليل الورد العطري ، أحملها في كفي كجنازتها، كقبور امرأة لا تحيى إلا في الموت، أحملها في كفي لا تخرج مني في جب الظلمة، كبقايا يخنقني دخان حريقها، تسمم قلبي نظرتها، اسميها: ميدوزا الأشواق.
أعرف أن محطتها جسدي، ستعود إلي من بعد رجال ونساء شتى؛ لأنها تجد عندي ما يفتقده كل الغير:
أخترقها مثل الحربة
وبذلك أحقق رغبتها في الموت
ديسمبر 2013
Unknown page