67

Ma Hiya Sinima

ما هي السينما!: من منظور أندريه بازان

Genres

40

يمكن الاعتقاد بأن بازان، شأنه شأن بنيامين، متناقض؛ لأنهما ناقشا الظواهر المعقدة من أكثر من زاوية في وقت واحد. وفي هذه الحالة، كان كلاهما يفهم أن ديناميات الإنتاج النصي «سائلة» (النشر)، لكنهما كانا يفهمان كذلك أن «جمود» بعض العلامات النصية (المرسى) ليس أمرا وهميا بالكامل. •••

وفقا لرأي بازان، يمثل الاقتباس حالة أخرى، وإن كانت حالة رئيسية، كانت فيها السينما بمنزلة سفينة الاكتشافات الجريئة في القرن العشرين. تجبرها لقاءاتها بما هو غريب عنها على النمو، وتطلب الشيء نفسه من أولئك المشاهدين على متنها. صدمت الواقعية الجديدة بازان بشدة عقب الحرب، حتى صار يبحث دوما عن لقاءات مع أنواع سينمائية أخرى. على سبيل المثال، فإن مجموعة أفلام عن الرسم صنعت في أواخر الأربعينيات والخمسينيات صدمته بطريقة نادرا ما شعر بها في زياراته للمتاحف.

41

كتب بازان إن هذا النوع الجديد «تزايد منذ الحرب ... ليصبح أهم التطورات في آخر عشرين عاما في تاريخ الوثائقيات، وربما في تاريخ السينما نفسها.»

42

في مجال السينما الروائية، صعقته اليابان كما فعلت بثقافة السينما الأوروبية بالكامل. بعد النصر غير المتوقع الذي أحرزه فيلم «راشومون» (كوراساوا، 1950) في مهرجان فينيسيا الدولي عام 1951، اتجهت عيناه شرقا؛ حيث عثر هو ورفاقه في «كاييه» على صانع الأفلام الذي كانوا يحلمون به، كينجي ميزوجوشي. وبينما كانوا يشاهدون أفلامه واحدا تلو الآخر، كان عليهم أن يتكيفوا مع حس سينمائي مختلف تماما، يؤدي إلى ثقافة خلابة ومتميزة. لم ير بازان ومتبعوه يابان ما بعد الحرب على الشاشة، ولكن التقاء ميزوجوشي (ويابان ما بعد الحرب) بإرث خانته في جنون حرب المحيط الهادئ، وهو إرث جرمه الاحتلال الأمريكي، إرث احتاجت اليابان الحديثة إلى اقتباسه إن كان للأمة أن تبقى مميزة.

أجد التزام ميزوجوشي باقتباس تراث اليابان معروضا بأوضح ما يكون في المشهد الافتتاحي لفيلم «أوتامارو ونساؤه الخمس» («أوتامارو آند هيز فايف ومن»، 1946) حينما يتحدى البطل الفنان للمبارزة تابع مغرور لمدرسة كانو الارستقراطية للرسم. كيف يمكن لشخص من الطبقة الشعبية يرسم من أجل المال أن يواجه رساما من النبلاء يرى الرسم نداء دينيا؟ يبدأ نزال بفرش الرسم لا بالسيوف، ويتقدم أوتامارو بفضل ضربات رشيقة من فرشاته ليصنع لوحة لإلهة الرحمة. يقول أوتامارو منتصرا: «حسنا، هذا أفضل. ألا توافقني؟» مردفا: «لقد بعثت الحياة في الشكل.» التدبير والتلقائية والتمثيل الحي لرمز ديني شهير؛ كل هذا كان في صف الفنان الذي يأكل ويشرب وينام مع الناس. الواقع أن أوتامارو بعث إلى الحياة «جوانيان ذات الرداء الأبيض»، وهي أيقونة بوذية، منحها الراهب الصيني موشي طابعا دينيا في أواخر القرن الثالث عشر. يصورها أوتامارو على الورق، ليس من خلال محاكاة تقليدية، ولكن من خلال تصوير روح الحركة والحياة التي أودعها موشي في تحفته الفنية. ومثل أوتامارو تماما، أحس ميزوجوشي بأنه هو وفنه في صف الناس، ومتصلان في الوقت نفسه بالمهمة التي يربط بها الفن الإنسانية بما هو مقدس.

هل تحدث مسائل النسخ من الأعمال الأصلية الشهيرة - سواء بالترجمة أو الاستخلاص - في آسيا بالطريقة نفسها التي تحدث بها في الغرب؟ هنا، يؤسس ميزوجوشي لسابقة عظيمة؛ لأنه بمجرد أن سمحت الرقابة الأمريكية، أعاد إحياء بضعة نصوص يابانية شبه مقدسة، وقدمها للغرب. كان أول فيلم شد انتباه بازان هو «حياة أوهارو» («ذا لايف أوف أوهارو»، 1951) الذي يحمل عنوانه الياباني «سايكاكو إيشيداي أونا» اسم سايكاكو، المؤلف الياباني الشهير من القرن السابع عشر الذي يقتبس هذا الفيلم منه. بعد بضع سنوات، أعاد ميزوجوشي بدقة إحياء مسرحية عرائس محببة، كتبها شكسبير اليابان، محتفظا مرة أخرى باسم الشاعر في عنوان فيلمه «حكاية من تشيكاماتسو» (آ تيل فروم تشيكاماتسو). بين الفيلمين، قدم ميزوجوشي واحدة من أشهر الحكايات اليابانية في فيلم «المأمور سانشو» (سانشو دايو)، معتمدا على نسخة الأعمال الكاملة لموري أوجاي التي صدرت عام 1917، لكنه «طورها» حيث ينسب الفضل إليه في إخراجها بالشكل الأمثل.

43

Unknown page