105

ويرد طه: «ولهذا فنحن في هذا القطار يا سوزان نريد ألا تنطفئ شعلة الحرية وألا يخبو نور الحضارة أبدا.»

وتسمع سوزان كلام طه حسين فلا ترد، بل تملأ عينيها الدموع.

ويستأنف طه الكلام يقول: «وسيضيء النور في باريس حتما، وسيعود النور يشع على الدنيا من باريس.» •••

تبدأ الدراسة في كليات جامعة الإسكندرية في الوقت الذي تدور فيه معارك الصحراء الغربية في عنف وشراسة.

وطه حسين، المنتدب مديرا للجامعة إلى جانب عمله مستشارا لوزارة المعارف، يجاهد في ظروف الحرب لكي تقوم الجامعة على الأساس الذي يرضاه، ظروف الحرب معناها قلة المال وصعوبة النقل وندرة الكتب والأدوات، فالعالم مشغول بصناعات الحرب، ولكن طه حسين حريص على أن تدبر الجامعة لطلابها الضروري من المعامل ومن المكتبات، وأن تعمل لتشجيع الحياة الرياضية والنشاط الثقافي داخل وخارج قاعات الجامعة.

والمدير المنتدب يعمل مع زملائه؛ وكيل الجامعة الأستاذ مصطفى عامر وعمداء الكليات والأساتذة ورجال الإدارة، على أن يصلوا بين الجامعة ومدينتها،

1

يدعو سراة المدينة وأصحاب الأعمال الكبرى فيها إلى المساهمة في إنشاء الجامعة بالمال والمعونة، فينجح إلى حد لا يقنع به فهو يطالب بالمزيد، يريد من أهل الإسكندرية أن يساهموا في الاهتمام بدراساتهم المتصلة بمدينتهم، سواء منها ما اتصل بحياتها في الماضي مستهدفا إلقاء المزيد من الضوء على مساهمتها في الحضارة العالمية، أو في المستقبل مستهدفا تنميتها وترقيتها ماديا وحضاريا.

وطه حسين راض بما يلقاه من نجيب باشا الهلالي وزير المعارف، ومن مصطفى باشا النحاس رئيس الوزراء؛ من عون، وبما يلقاه من مساعديه في الجامعة نفسها من حماس وإقبال على العمل.

وبانتهاء العامين الأولين من أعوام جامعة الإسكندرية تنتهي مرحلة الإنشاء، ويكتب طه حسين إلى وزير المعارف في أول صيف عام 1944 تقريرا يقول فيه:

Unknown page