ولسوف يعطيك ربك فترضى
فهو سبحانه يعلم أن الإنسان لا يرضى، ولهذا وعد نبيه والمتقين بالرضا لا بالعطاء. والرضى أقصى ما يطلبه الإنسان عند نفسه، وغاية ما يتمناه مخلوق من الخالق، فقد يكون الإنسان ذا ثروة لا تحصى. فإذا نسج الرضا ثيابه على نفس إنسان جعل منه أغنى الناس طرا وإن كان لا يملك قوت يومه.
فالحياة حين تعطي فتغدق وتمنع الرضا فإنها تكون قد حرمت من أعطته وأغدقت كل شيء. إنه لا يملك شيئا. إنه فقير معدم، وهو وماله ومجده هباءة.
وإن أعطت السطوة والشهرة والجبروت وحجبت الرضا فالطاغية الجبار المتكبر المتغطرس ذو السطوة قطعة حقيرة من الهمل لا يساوي شيئا، وهو نفسه الذي يحقر نفسه. وإن نفسه هي التي تدمر له نفسه.
هكذا الإنسان، وهكذا حطم الإنسان الدول.
وهكذا سوسن بنت صفوت المعلاوي. عندها المال لا تعرف ماذا تصنع به، ووهب الله لها وجها ليس فيه عوج ولا قبح، وتزوجت من فتى جميل الطلعة متعلم. وهي وحيدة أبيها. وهي لا تعلم شيئا عن علاقات زوجها بالراقصات أو الكباريهات، وهي لا ترى منه إلا حبا. هي عندها كل شيء إلا الرضا.
هو لم يعرفني إلا من البنك، ولم تمر على معرفتنا إلا أسابيع لم تكتمل شهورا، فما الذي جعله يطلب مني أن ألقاه؟! طبعا أعرف أنا ابنة من؟ لا، لا أظن أنه أحب جمالي. إن مثله يستطيع أن يعرف من هي أجمل مني. يقولون إن للجمال مقاييس تختلف من رجل إلى رجل. ولا بد أن الأمر كذلك، وإلا ما تزوجت الكثرة الكاثرة من البنات. نراهن قبيحات غاية القبح ويراهن أزواجهن جميلات غاية الجمال. أما هو فأعتقد أنه تزوجني لمالي. لا بأس في هذا، نعم، فمال أبي جزء من مقومات شخصيتي. ولكنني أحب أن يحبني الرجل لنفسي، لي أنا، ليس لمال أبي ولا لسيارتي ولا لأي شيء إلا أنا، فأنا أستحق أن يحبني الرجل من أجلي أنا.
مثلا باهر حمدي في النادي يغازلني، أنا أرده، من الطبيعي أن أرده في أول الأمر. تعلم الإسكواش خصوصا ليلعب معي. وما البأس؟ باهر حمدي ليس فقيرا. وإن كان فهو يعلم أنه لن يتزوجني، فهو يغازلني بعد أن تزوجت. ولا يمكن أن يفكر في الزواج مني وأنا زوجة جديدة. وطبعا هو لا يطمع أن ينال مني مالا، بل إنني منذ لعبت معه الإسكواش أصبح يقدم لي الهدايا، هدايا بسيطة ولكنها معبرة؛ زجاجة برفان، إيشارب. فيها تعبير، فيها حب، حب لي أنا.
لم أرد الهدايا، وأصبحت أقبل غزله، وتمادى. •••
حين نقل ياسر الحديث إلى صفوت: أتظل طول عمرك عبيطا؟ - لماذا؟ - لماذا لم تسمع له؟ - ماذا أسمع؟ - إنه يريد أن يعرض عليك صفقة ويجعلك تعتمد على نفسك حتى تقف معه ضدي. - وما حاجته إلى ذلك؟ - حتى لا تجعلني أذله. - لم تعجبني طريقة الكلام. - أتريد أن يسمعك غناء؟ - وماذا ترى؟ - لا شيء، اسكت الآن. إذا كان مصرا فهو الذي سيسعى إليك.
Unknown page