Lughz Cishtar
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Genres
شكل 3-15
شكل 3-16
شكل 3-17
لم يقتصر رمز الصليب على الحضارات القديمة، وبعض الديانات العالمية، بل نراه رمزا قائما لدى كثير من الديانات البدائية الحديثة؛ فالهنود الحمر في كاليفورنيا يمثلون الأم الكبرى، وقد امتدت أطرافها الأربعة على هيئة صليب. وتتخذ قبائل هندية أخرى الصليب كرمز للاتجاهات الأربعة وللرياح الأربعة، ويضع أفراد قبائل الماوري الصليب في أعناقهم كرمز للأم القمرية. وفي جزيرة إستير المهجورة في المحيط الهادي والتي لا تحتوي إلا على تماثيل ضخمة لم يعرف صانعوها، نجد الصليب محفورا في مواضع مختلفة من تلك التماثيل، وتسود لدى قبائل بدائية كثيرة عادة رسم الصليب على الأشجار لتحميهم من الأرواح الشريرة، كما يرفعون الصلبان في مكان تقديم ذبائحهم للقمر.
47
لقد رافق صليب الأم السورية الكبرى الإنسان منذ بدايات مغامرته الروحية الكبرى، وما زال قائما بيننا يؤكد وحدة التجربة الروحية للبشرية عبر العصور.
سيدة الموقف، سيدة الأقدار والمصائر
كانت حركة القمر الشهرية بالنسبة للإنسان القديم، هي المؤشر الرئيسي على مرور الزمن، فكان مرور الأيام يحسب بالليالي، ومرور الشهور يحسب بظهور القمر الجديد، وانقضاء العام يحسب بانقضاء اثني عشر قمرا متتاليا. ولم تكن حركة القمر هذه مجرد ساعة كونية ترصد الوقت؛ بل كانت بالفعل هي التي تصنع حركة الزمن؛ فالأم القمرية الكبرى هي التي ابتدأت زمن الكون المنظم بعد أن خرجت به من أزمان الهيولى الأولى، وهي سيدته القيمة على استمراره وتدفقه. ورغم غلبة الآلهة الشمسية على سيدة القمر القديمة، فإنهم لم يستطيعوا السيطرة على الزمن ولم يضعوا تقويمهم وسنتهم الشمسية إلا في وقت متأخر جدا من تاريخ الحضارة، حيث بقي التقويم القمري الأداة الوحيدة التي استخدمها الإنسان لحساب الوقت وترقب حركة الفصول. فها هو مردوخ بعد قتله الأم الكبرى في أسطورة التكوين البابلية، يؤكد سيطرته على القمر ويأمره أن يبقى مقياسا للوقت:
ثم أخرج القمر فسطع بنوره، وأوكله بالليل،
وجعله حلية له وزينة، وليعين الأيام:
Unknown page