241

Lughz Cishtar

لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة

Genres

والعذراء المعنية هنا هي الأم الكبرى عستارت، سيدة السماوات . وفي الأناجيل هناك عدد من الإشارات والرموز السرية القديمة التي تربط الابن المخلص بالشمس وميلاده بميلادها. ومنها حادثة اعتماد السيد المسيح بمياه الأردن.

فعماد السيد المسيح هو ميلاده الثاني، وكل مسيحي يجب أن يولد ثانية بعد التعميد بالماء: «الحق، الحق أقول لك. إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله.»

35

أما عن حادثة الاعتماد فنقرأ «حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه، ولكن يوحنا منعه قائلا: أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إلي؟ فأجاب يسوع وقال له اسمح الآن لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر، حينئذ سمح له. فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء، وإذا السماوات قد انفتحت له، فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه، وصوت من السماوات قائلا: هذا هو ابني الحبيب الذي سررت به.»

36

وفي الحقيقة فإن طقس الاعتماد الذي كان معروفا في الديانات السرية، يرجع في أصله إلى عبادة إله الماء السومري-البابلي «إيا» الذي يعني اسمه إله بيت الماء، وكانت طقوس الاعتماد بالماء تتم في معبده، بيت الماء ذاك، وكان البابليون يرمزون للإله إيا بحيوان خرافي، نصفه الأعلى لجدي ونصفه الأسفل لسمكة، كما كانوا يرمزون لبرج إنكي السماوي بنفس الحيوان، وهذا البرج ما زال معروفا إلى يومنا هذا ببرج الجدي، وهو البرج الذي لاحظ البابليون القدماء أن الشمس تدخله وقت الانقلاب الشتوي، لتجتازه بعد ذلك صاعدة في دورتها الجديدة نحو منتصف السماء. فإذا علمنا أن الاسم الذي عرف به الإله إنكي في الفترات المتأخرة هو «أوانيس» الذي يلفظ باليونانية «يوانيس»، وباللاتينية «يوحانيس»، وبالعبرية «يوحنان»، لأدركنا العلاقة السرانية بين إله الماء إنكي ويوحنا المعمدان في الإنجيل.

37

وهذه العلاقة إنما تربط في الوقت نفسه بين يوحنا المعمدان الذي يعمد بالماء، وبرج إنكي الذي تمر فيه الشمس قبل ولادتها الجديدة في السماء. وتجعل من حادثة اعتماد السيد المسيح انعكاسا للحدث الفلكي. فالسيد المسيح بعد اعتماده بماء الأردن على يد يوحنا وولادته الجديدة، يصعد من الماء ويجتازه ليهبط عليه الروح القدس، ويكرسه ابنا للإله وقاهرا برسالته للظلام، تماما كما تلد الشمس في يوم الخامس والعشرين من ديسمبر مجتازة برج الماء في ميلادها السنوي الجديد.

أما بعث السيد المسيح فقمري، وتسير حادثة موته وقيامته على خطا موت وبعث الآلهة القمرية القديمة، التي تغيب في اليوم الأول وتظهر في يومها الثالث. وكما كان الآلهة القمريون آلهة للخصب ودورة الزراعة أيضا، يبعثون إلى الحياة مع الانقلاب الربيعي، كذلك هو السيد المسيح الذي يبعث في يوم الفصح الربيعي. ففي البلدان الناطقة باللاتينية حيث شاعت عبادة الإله آتيس ابن الأم الكبرى سيبيل، جرت العادة على الاحتفال بيوم آلام المسيح وموته في الخامس والعشرين من آذار (مارس) المصادف ليوم الانقلاب الربيعي حسب التقويم الجولياني، وبقيامته في يوم الفصح الموافق للسابع والعشرين من آذار. وهذه التواريخ مقاربة لتواريخ احتفالات آتيس، حيث يصادف يوم الثاني والعشرين من آذار يوم الاحتفال بموت آتيس والخامس والعشرين منه يوم بعثه، وقد كان هذا التطابق بين المناسبتين مدعاة لجدل طويل بين أتباع الديانتين، فبينما اتهم أتباع آتيس المسيحيين بالتقليد، لجأ المسيحيون إلى اتهام الشيطان الذي يقلب موازين الأمور ويغطي الحق بالباطل ليزيغ به القلوب.

38

Unknown page