Lubb Tarikh Camm
لب التاريخ العام فيما صدر من غابر الأعوام
Genres
تاريخ اليونان
الشعب اليوناني: إن بلد اليونان التي ارتفع صيتها، وعلا قدرها، وكان لها دور عظيم من التمدن، لم تكن إلا بلدا صغيرة، لكن أهليها أذكياء، لهم فكر وقادة، وبصائر نقادة، تردوا بأردية الهمة والنشاط، فإنهم كانوا قبل الميلاد بثمانمائة سنة لا يفقهون شيئا غير تفليح الأراضي، وتربية الحيوانات، وما مضى قليل من الزمن إلا وسطع نور تمدنهم، وأضاء جميع الآفاق، وهب نسيم تقدمهم، فصنعوا السفن، وبنوا المدن، ونقشوا الحجارة، وصوروا التصاوير، وشادوا وسادوا.
مستعمرات اليونان: لما كثر عدد اليونان تفرق عدد عظيم منهم في البلاد، وسعوا في مناكبها ليأكلوا من خيراتها، ويتمولوا من أرزاقها، ويعمروا فيها مدنا يسكنونها، وهذه ما تسمى ب «المستعمرات»، فكانت توجد مستعمرات يونانية عديدة على سواحل «البحر الأبيض المتوسط»، وفي «آسيا، وأفريقيا، وإيطاليا، وفرنسا، وبلاد الأندلس»، وعلى شاطئ «البحر الأسود»، وفي «قبرص»، وكانت «مرسيل، ونيس، وأنتيب، واجد» مستعمرات لها في بلاد الفرنسيس.
مدن اليونان: اليونان أمة واحدة، بل كان كل ناحية بخلائها مكونة، لم تكن لأمة صغيرة منفردة بحكومتها وجيشها وعمارتها البحرية، وكانت نار الحرب مشتعلة بين هذه الأمم على الدوام، وكانت توجد مئات من تلك النواحي، كانت تسمى «مدن اليونان»، وأغلب هذه المدن كان صغيرا وأعظمها وأهمها مدينتا «أسبرطة» و«أثينا».
الكلام على مدينة أسبرطة: كانت أسبرطة مدينة جبليين وجنود، وكانوا يربون الأطفال فيها بكثرة، فكانوا يعلمونهم المكافحة والرماية، وكانوا يعودونهم على الوثوب والجري، ويعلمونهم تثقيف الأسلحة والرماح، وكان أهلوها متربين على الخشونة وشظف العيش، فكانوا ينامون على القصب، ويتوسدون الحجارة، ويضربون بعضهم؛ لأجل أن تصير أجسادهم جامدة.
وكانوا لا ينظرون إلى الترف، ولا يهتمون بزخرف الدنيا، ولا يوجهون آمالهم إلى نعومة الجسد، ولا يكترثون بالملابس الفاخرة، وكانوا يربون بناتهم كما يربون صبيانهم، وكانت الرجال تأكل معا على حدتهم، وبعد الأكل يقومون للتدرب على المصارعة، وكانوا لا يقرءون ولا يكتبون، غير أنهم بلغوا الدرجة القصوى في فن المصارعة؛ ولذا كان يشار إليهم بأطراف البنان، ويقال: إن سكان هذه المدينة صناديد بلاد اليونان، وكانوا يذهبون إلى القتال فرقا يقودهم صوت المزمار، وكل واحد منهم متسلح برمح ومعه بيضة ودرقة، وأغلب جسده عار. وكان لسكان «أسبرطة» نواميس استغربها معاصروهم ومن بعدهم، يعزونها إلى «ليكورغه» الذي كانت مدة حياته قبل المسيح بثمانمائة سنة تقريبا.
الكلام على أثينا
كانت أثينا بعكس ما كانت عليه أسبرطة؛ إذ كان للأثينيين بالقرب من مدينتهم مينا عظيمة تدعى «ببريه»، ترد إليها التجارة من آسيا ومصر، وكانوا موسرين ولهم ميل شديد إلى الأبنية الجليلة والزينة الفاخرة والتماثيل الجميلة والتشبب بالشعر، وكان أهل هذه المدينة أعظم مشخصي بلاد اليونان.
وبأثينا كانت المحافل تعقد للنظر في مصالح العامة في ميدان يقال له: «آجورا»، وفيها كانت تتلى الخطب الرائقة والمقالات الشائقة على الحاضرين، وكانوا متبعين قوانين صادرة عن حكمة وعقل، سنها لهم «سولون» الذي كانت حياته قبل المسيح بستمائة سنة.
حرب الفرس مع اليونان
Unknown page