25

Al-Lubāb fī ʿUlūm al-Kitāb

اللباب في علوم الكتاب

Editor

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

Publisher

دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان

Edition Number

الأولى، 1419 هـ -1998م

{وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78] فمع هذه الأعذار الظاهرة، والأسباب القوية فكيف يجوز في حكمتك، ورحمتك أن تذمني، وتلعنني على شيء خلقته في؟

والسادس: جعلتني مرجوما ملعونا إما أن يكون بسبب جرم صدر مني، أو لا [يكون] بسبب جرم صدر مني.

فإن كان الأول؛ فقد بطل الجبر، وإن كان الثاني، فهذا محض الظلم ؛ وأنت قلت: {وما الله يريد ظلما للعباد} [غافر: 31] فكيف يليق هذا بك؟

فإن قال قائل: هذه الإشكالات إنما تلزم على قول من يقول بالجبر، وأنا لا [أقول] بالجبر، ولا بالقدر، بل أقول: الحق حالة متوسطة بين الجبر والقدر؛ وهو الكسب.

فنقول: هذا ضعيف؛ لأنه إما أن يكون لقدرة العبد أثر في الفعل على سبيل الاستقلال، أو لا يكون. فإن كان الأول، فهو تمام بالاعتزال، وإن كان الثاني، فهو الجبر المحض، [والأسئلة] المذكورة واردة على هذا القول، فكيف يعقل حصول الواسطة.

قال أهل السنة والجماعة - رحمهم الله - أما الإشكالات التي ألزمتموها علينا، فهي بأسراها واردة عليكم من وجهين:

الأول: أن قدرة العبد إما أن تكون معينة لأحد الطرفين، أو كانت صالحة للطرفين معا، فإن كان الأول، فالجبر لازم، وإن كان الثاني، فرجحان أحد الطرفين على الآخر، إما أن يتوقف على المرجح، أو لا يتوقف.

فإن كان الأول، ففاعل ذلك المرجح يصير الفعل واجب الوقوع، وعندما لا يفعله يصير الفعل ممتنع الوقوع. وحينئذ يلزمكم كل ما ذكرتموه.

وأما الثاني: وهو أن يقال: إن رجحان أحد الطرفين على الآخر لا يتوقف على مرجح؛ فهذا باطل لوجهين:

الأول: أنه لو جاز لك، لبطل الاستدلال [بترجح] أحد طرفي الممكن على الآخر على وجود المرجح.

والثاني: أن بهذا التقدير يكون ذلك الرجحان واقعا على سبيل الاتفاق، ولا يكون

Page 102