117

Love of the Messenger Between Following and Innovation

محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

Publisher

رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إدارة الطبع والترجمة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤هـ

Publisher Location

الرياض

Genres

ولهذا قال تعالى للذين تضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١] أي هلا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله ﷺ (١) والتأسي بالنبي ﷺ هو: أن نفعل مثلما فعل على الوجه الذي فعله، من وجوب أو ندب، وأن نترك ما تركه، أو نهى عنه من محرم أو مكروه، كما يشمل التأسي به التأدب بآدابه والتخلق بأخلاقه ﷺ وعلى ذلك فالتأسي والاقتداء شامل لكافة أمور الدين. فإذا قال الرسول ﷺ قولا قلنا مثل قوله، وإذا فعل فعلا فعلنا مثله، وإذا ترك شيئا تركناه فيما لم يكن خاصا به، وإذا عظم شيئا عظمناه، وإذا حقر شيئا حقرناه، وإذا رضي لنا أمرا رضينا به، وإذا وقف بنا عند حد وقفنا عنده ولم يكن لنا أن نتقدم عليه أو نتأخر عنه. وبالجملة فإن الاقتداء بالرسول ﷺ هو تجريد متابعته والتلقي عنه وحده فكما أن الرب سبحانه واحد فالرسول الذي أمرنا باتباعه واحد فهما توحيدان: توحيد المرسل وهو الله ﷾، وتوحيد متابعة الرسول ﷺ. وهذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وبدون هذا لا يصير المسلم مسلما. ذلك هو الاقتداء بالرسول ﷺ وهو المعيار الذي ينبغي أن توزن به أفعال الناس وأقوالهم وعقائدهم وسائر أمورهم. وطريق التأسي به مبنى على العلم بهديه ﷺ في كافة أمور الدين والعمل به. وقد وعت دواوين السنة وكتب السير والشمائل كافة أقوال النبي ﷺ وأفعاله وسجاياه وأخلاقه وكل ما يتصل به من قريب أو بعيد وحفظت ذلك أتم حفظ. وقام أولو العلم في كل عصر بتقريب الناس من هذا الهدى النبوي الشريف

(١) تفسير ابن كثير، ٣ / ٤٧٥.

1 / 124