Lisan al-ʿarab
لسان العرب
Publisher
دار صادر
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤١٤ هـ
Publisher Location
بيروت
مَا إنَّ العُصْبةَ لَتَنُوءُ بِمفاتِحِه، فَحُوِّلَ الفِعْلُ إِلَى المَفاتِحِ، كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:
إِنَّ سِراجًا لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهْ، ... تَحْلى بهِ العَيْنُ، إِذَا مَا تَجْهَرُهْ
وَهُوَ الَّذِي يَحْلى بالعين، فإذا كَانَ سُمِعَ آتَوْا بِهَذَا، فَهُوَ وَجْه، وإلَّا فَإِنَّ الرجُلَ جَهِلَ الْمَعْنَى. قَالَ الأَزهري: وأَنشدني بَعْضُ الْعَرَبِ:
حَتَّى إِذَا مَا التَأَمَتْ مَواصِلُهْ، ... وناءَ، فِي شِقِّ الشِّمالِ، كاهِلُهْ
يَعْنِي الرَّامي لَمَّا أَخَذَ القَوْسَ ونَزَعَ مالَ عَلَيْها. قَالَ: وَنَرَى أَنَّ قَوْلَ الْعَرَبِ مَا ساءَكَ وناءَكَ: مِنْ ذَلِكَ، إِلَّا أَنه أَلقَى الأَلفَ لأَنه مُتْبَعٌ لِساءَكَ، كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ: أَكَلْتُ طَعامًا فهَنَأَني ومَرَأَني، مَعْنَاهُ إِذَا أُفْرِدَ أَمْرَأَني فَحُذِفَ مِنْهُ الأَلِف لَمَّا أُتْبِعَ مَا لَيْسَ فِيهِ الأَلِف، وَمَعْنَاهُ: مَا ساءَكَ وأَناءَكَ. وَكَذَلِكَ: إنِّي لآتِيهِ بالغَدايا والعَشايا، والغَداةُ لَا تُجمع عَلَى غَدايا. وَقَالَ الفرَّاءُ: لَتُنِيءُ بالعُصْبةِ: تُثْقِلُها، وَقَالَ:
إنِّي، وَجَدِّك، لَا أَقْضِي الغَرِيمَ، وإِنْ ... حانَ القَضاءُ، وَمَا رَقَّتْ لَهُ كَبِدِي
إلَّا عَصا أَرْزَنٍ، طارَتْ بُرايَتُها، ... تَنُوءُ ضَرْبَتُها بالكَفِّ والعَضُدِ
أَي تُثْقِلُ ضَرْبَتُها الكَفَّ والعَضُدَ. وَقَالُوا: لَهُ عِنْدِي مَا سَاءَه وَناءَه أَي أَثْقَلَه وَمَا يَسُوءُه ويَنُوءُه. قَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد ساءَه وناءَه وإِنما قَالَ ناءَه، وَهُوَ لَا يَتَعدَّى، لأَجل ساءَه، فَهُمْ إِذَا أَفردوا قَالُوا أَناءَه، لأَنهم إِنَّمَا قَالُوا ناءَه، وَهُوَ لَا يتعدَّى لِمَكَانِ سَاءَه ليَزْدَوِجَ الْكَلَامُ. والنَّوْءُ: النَّجْمُ إِذَا مَالَ للمَغِيب، وَالْجَمْعُ أَنْواءٌ ونُوآنٌ، حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي، مِثْلُ عَبْد وعُبْدانٍ وبَطْنٍ وبُطْنانٍ. قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، ﵁:
ويَثْرِبُ تَعْلَمُ أَنَّا بِها. ... إِذَا قَحَطَ الغَيْثُ، نُوآنُها
وَقَدْ ناءَ نَوْءًا واسْتَناءَ واسْتَنْأَى، الأَخيرة عَلَى القَلْب. قَالَ:
يَجُرُّ ويَسْتَنْئِي نَشاصًا، كأَنَّه ... بِغَيْقةَ، لَمَّا جَلْجَلَ الصَّوْتَ، جالِبُ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: اسْتَنْأَوُا الوَسْمِيَّ: نَظَرُوا إِلَيْهِ، وأَصله مِنَ النَّوْءِ، فقدَّم الهمزةَ. وَقَوْلُ ابْنِ أَحمر:
الفاضِلُ، العادِلُ، الهادِي نَقِيبَتُه، ... والمُسْتَناءُ، إِذَا مَا يَقْحَطُ المَطَرُ
المُسْتَنَاءُ: الَّذِي يُطْلَبُ نَوْءُه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَاهُ الَّذِي يُطْلَبُ رِفْدُه. وَقِيلَ: مَعْنَى النَّوْءِ سُقوطُ نَجْمٍ مِنَ المَنازِل فِي الْمَغْرِبِ مَعَ الْفَجْرِ وطُلوعُ رَقِيبه، وَهُوَ نَجْمٌ آخَرُ يُقابِلُه، مِنْ سَاعَتِهِ فِي الْمَشْرِقِ، فِي كُلِّ لَيْلَةٍ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَهَكَذَا كلُّ نَجْمٍ مِنْهَا إِلَى انْقِضَاءِ السَّنَةِ، مَا خَلَا الجَبْهةَ، فَإِنَّ لَهَا أَربعة عَشَرَ يَوْمًا، فتنقضِي جميعُها مَعَ انقضاءِ السَّنَةِ. قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ نَوْءًا لأَنَّه إِذَا سَقَطَ الغارِبُ ناءَ الطالِعُ، وَذَلِكَ الطُّلوع هُوَ النَّوْءُ. وبعضُهم يَجْعَلُ النَّوْءَ السُّقُوطَ، كأَنه مِنَ الأَضداد. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَمْ يُسْمع فِي النَّوْءِ أَنه السُّقوط إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُضِيفُ الأَمْطار والرِّياح والحرَّ وَالْبَرْدَ إِلَى السَّاقِطِ مِنْهَا. وَقَالَ
1 / 175