158

Linguistic Beauty in Texts from Revelation - Book

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - كتاب

Publisher

دار عمار للنشر والتوزيع

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

عمان - الأردن

Genres

ثم قال بعد ذلك: ﴿والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابتغى وَرَآءَ ذَلِكَ فأولائك هُمُ العادون﴾ . وقد مر تفسير ذلك في آيات سورة (المؤمنون) فلا حاجة إلى إعادة ما مر. غير أن الذي نقوله ههنا: إنَّ هذه الآيات مرتبطةٌ بما قبلها أجمل ارتباط. وهي مع ما ذُكِرَ معها من الأوصاف مَنْجاةٌ من الهلع وعلاج له. ذلك أن الذي يصبر على شهوته ولا يندفع وراء رغبته يعوّد نفسه على الصبر، فلا يجزع إذا رأى ما يستثير شهوته ثم لا يلهث وراءها حتى يهتبل هذه الفرصة للتلذذ بها. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية إن حفظ الفروج وعدم إرسالها إلا على مستحقيها، أولى من حِفْظِ المال وكنزه ومنع مستحقه منه. ثم قال: ﴿والذين هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ . وقد مر ذلك في آيات سورة (المؤمنون) . وهذا علاج للهلع أيضًا، ذلك أن الأمانة والعهد ربما يُلْحِقان بالمؤتمن ضررًا من سلطة أو متنفِّذ، ذلك لأن صاحب الأمانة قد يكون مطلوبًا لهما فالمؤتمن كأنه يعينه على ما هو عليه أو لغير ذلك من الأسباب. وقد يُفَوِّتانِ عليه خيرًا كبيرًا، وهو مع ذلك يَفِي بالعهدِ ويؤدي الأمانة مُوطِّنًا نفسه على الصبر على ما سيحيقُ به محتسبًا أجرَ ما يفوتُه من الخير العاجل عند الله. ولا شك أن هذا مما يكسر الهلع ويضعفه ويعافي منه.

1 / 162