Lessons of Sheikh Ibrahim Al-Fares
دروس للشيخ إبراهيم الفارس
Genres
قصة امرأة كبيرة في السن وأثرها في الدعوة إلى الله
أستفتح ذلك بذكر قصة امرأة كبيرة في السن عمرها يتجاوز السبعين عامًا، هذه المرأة تحب أشرطة كثير من العلماء، ولا يمكن أن تجد شريطًا لهذا العالم أو ذاك إلا وقد حصلت عليه واشترته، فعندها من الأشرطة مئات لهؤلاء وتسمعها باستمرار، وتنقل هذا السماع الذي يرسخ في قلبها وعقلها ووجدانها إلى واقع الحياة.
وهذه المرأة الكبيرة في السن تعتبر داعية وأنموذجًا للدعاة بشكل غريب، وسأذكر لكم نموذجين اثنين من مجالاتها ومناهجها الدعوية، وهذه المرأة وهي موجودة مد الله في عمرها: أولًا: يذكر الذي يعرفها ويعايشها، ويقول: كنت رجلًا منحرفًا، وكنت أسافر من الرياض إلى منطقة تبعد عن الرياض في حدود مائتي كيلو متر، وكانت هذه العجوز تسافر معي بعض الأحيان باعتبار أنها قريبتي وأنا محرم لها، فكنت أسافر إلى هذه المنطقة وأمكث فيها يومًا أو يومين ثم أعود أنا وهي، فكنت أستمع إلى الغناء ومعي مجموعة من الأشرطة، وهي معها حقيبة صغيرة فيها أشرطة لفلان من العلماء ولفلان من الدعاة، ففي يوم من الأيام سافرت أنا وهي، فعندما بدأ السفر فتحت شريط الأغنية لأحد المغنيين فسكتت، ثم بعد أن مضى حوالي ربع ساعة من الطريق قالت لي: يا فلان الآن أنت تحب هذه الأغاني؟ قال: قلت: نعم، قالت: وتحب هذا المغني؟ قال: قلت: نعم، قالت: لكن أنا حقيقة ما أحبه، ولا أريد أن أسمعه، وأتضايق منه، وأنت الآن تفرض علي شيئًا لا أريده، قال: قلت: لكن أنا ما أستطيع أن أترك السيارة بدون صوت، قالت: حسنًا أنا عندي رأي: ما رأيك لو نحقق الأهداف كلها، أنت تصير مستريح وأنا أصير مستريحة، قال: قلت: كيف؟ قالت: الطريق يستغرق ساعتين لك ساعة ولي ساعة، هل ترضى بذلك؟ قال: قلت: ليس هناك مانع، قالت: إذًا: الآن أنت قد بدأت وقد مضى من وقتك ربع ساعة وباقي لك ساعة إلا ربع افتح المسجل كيف تشاء، يقول: وأشغل المسجل وأسمع طبيعي جدًا، وعندما مضت ساعة بالضبط قالت: الآن جاء دوري، يقول: وأعطتني شريطًا للشيخ أحمد القطان بعنوان: (قصص وعبر) فأخذت الشريط وفتحته، وبدأت أسمع قصة وقصتين وثلاثًا وإذا هي قصص ممتازة، وبعد أن مضت الساعة قالت: انتهى دوري أغلق المسجل، قال: قلت: لا، اتركيني أسمع، قالت لي: أغلق الشريط، وكنت أستمع في وسط قصة قوية جدًا، قلت: لا، اتركيني أسمعها، قالت: لا، هات الشريط انتهى وقتي أنا، وشغل أنت شريطك، قال: قلت: يا بنت الحلال أريد أن أسمع هذه القصة، قالت: أبدًا.
انظروا كيف الشد والجذب هنا، يقول: وفي النهاية قالت: استمر في سماع القصة، يقول: وفي هذه اللحظة فعلًا انغرس في قلبي حب هذه الأشرطة، وعند العودة نفس العملية أعطتني جزءًا من الوقت ولها الجزء الباقي، لكن بعد هذه السفرية بدأت فعلًا أعرف أنني على خطأ.
إذًا: هذا جانب دعوي عجيب من هذه المرأة.
ثانيًا: هناك مثال آخر لهذه المرأة كذلك: يقول هذا الأخ بعد أن هداه الله ﷾ جاءني مجموعة من المجاهدين فجلست أنا وهم فعرضوا علي أنهم محتاجون إلى مبلغ من المال قريب من ثلاثين ألفًا، يحتاجون هذا المبلغ لبناء كذا وكذا، وشراء كذا وكذا من الكتيبات السلفية لنشرها، وأنا ما عندي هذا المبلغ ولا أملك من هذا المبلغ إلا شيئًا يسيرًا، فقلت: أذهب إلى تلك المرأة قد يكون عندها شيء، واتصلت عليها وقلت لها: يا عمة القصة كذا وكذا أيش رأيك والآن هؤلاء عندي وسيسافرون غدًا؟ فقالت: اتصل بي بعد ساعة، قال: فقلت: بعد ساعة قد تجمع خمسة آلاف أو عشرة آلاف، يقول: وهذه المرأة ما تعرف الكتابة ولا القراءة، فنادت بنتها الصغيرة، وقالت: تعالي يا بنتي وائتي بدفتر التلفونات واكتبي: بسم الله الرحمن الرحيم.
كيف حالك يا أم فلانة عساك طيبة والله القصة كذا وكذا وهؤلاء محتاجون فما رأيك هل عندك شيء تتبرعين به؟ قالت: إي والله عندي ثلاثمائة ريال، وكتبت إلى ثانية وثالثة ورابعة إلخ ثم قالت لبنتها: سجلي على أم فلانة ثلاثمائة ريال، وعلى أم فلانة خمسمائة ريال، وعلى أم فلانة مائتين، وعلى أم فلانة سبعمائة، حتى اكتمل المبلغ ثلاثين ألفًا، وما نقص منه سددت الباقي من عندها، ثم قالت لولدها: عندك الآن في البنك نقود وأريدك أن تسلفني لمدة أسبوع ثلاثين ألفًا، قال: غير معقول يا أمه أنا محتاج، قالت: هل أنت تحتاجها قبل أسبوع؟ قال: لا، قالت: إذًا أعطنيها وبعد أسبوع ترجع لك، قال: خير إن شاء الله، وكتب لها شيكًا بثلاثين ألفًا، وعندما اتصل عليها قريبها بعد ساعة قالت له: تعال، فلما جاء أعطته شيكًا بثلاثين ألفًا.
إذًا: هذا منهج دعوي عجيب من هذه المرأة، هذه المرأة دفعت ثلاثين ألفًا؛ ليشترى بها كتيبات وأشرطة سلفية في التوحيد وفي العقيدة، ونشرت في عدة بلاد واستفاد منها آلاف مؤلفة.
4 / 21