أفضل الثناء على الله ما أثنى به على نفسه وما أثنى به عليه رسوله
قلنا: إنه من أدب الدعاء أن تبدأ بحمد الله ﵎، ومن أجمل ما تبدأ به ما ذكره الله ﷿ في كتابه من الآيات التي ذكر فيها الحمد والثناء على نفسه جل وعلا.
كقوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة:٢] وقوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام:١] وقوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [الأعراف:٤٣].
وقوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ﴾ [الإسراء:١١١].
وقوله ﷿: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا﴾ [الكهف:١].
وقوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النمل:١٥].
وقوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل:٥٩].
وقوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [سبأ:١].
وقوله ﷿: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾ [فاطر:١].
فذكر الله ﷿ بما حمد به نفسه في كتابه من أعظم ما يكون.
كذلك ما جاء عن النبي ﷺ في حمده ربه، وأنت مهما حاولت أن تثني على الله ﷾ من عند نفسك فلن تصل إلى مستوى الثناء الذي ذكره الله أو ذكره النبي ﷺ.
وكان رسول الله ﷺ يقوم في صلاة الليل ويحمد ربه فيقول: (اللهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن) وقيوم يعني: القائم بهن، فلا قيام للسماوات ولا للأرض إلا بقضاء الله وقدرته سبحانه، (ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق، والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد ﷺ حق والساعة حق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت، وبك خاصمت وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت).
فهذا من أفضل الحمد لله ﵎.
وذكر في الحديث: (أن رجلًا عطس في الصلاة فحمد الله ﷾ وقال: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، فلما انقضت الصلاة قال: النبي ﷺ أيكم قائل هذه المقالة في الصلاة؟ فخاف الرجل فكرر النبي سؤاله، فقال: أنا يا رسول الله! ولم أرد إلا الخير، فقال النبي ﷺ: لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها).
فالحمد يجعل الله ﷾ يقبل على عبده، والملائكة تفرح بالكلمة وترفعها لربها سبحانه.
وأيضًا: كان النبي ﷺ يحمد الله ﷿ في صلاته فيقول: (ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد).
وهذا فيه تحقيق العبودية، فأحمدك يا ربي، لأنك ربي وإلهي، ولأنني عبد أحتاج أن أحمدك فتمن علي بكرمك وفضلك.
فأكثروا من الحمد فإن من صفات أفراد هذه الأمة أنهم هم الحمادون، أي: الذين يكثرون الحمد لله رب العالمين.
نسأل الله ﷿ أن يجعلنا من الحامدين لفضله ونعمه وكرمه سبحانه، والشاكرين نعمته والمصلين على نبيه صلوات الله وسلامه عليه.
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
2 / 6