141

Lessons of Sheikh Ahmad Fareed

دروس الشيخ أحمد فريد

Genres

الأثر السلبي المترتب على حب المال الحمد لله الذي رضي من عباده باليسير من العمل، وتجاوز لهم عن الكثير من الزلل، وأفاض عليهم النعمة، وكتب على نفسه الرحمة، وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه، دعا عباده إلى دار السلام، فعمهم بالدعوة حجة منه عليهم وعدلًا، وخص بالهداية والتوفيق من شاء نعمة ومنة وفضلًا، فهذا عدله وحكمته وهو العزيز الحكيم، وذلك فضله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عبده وابن عبده وابن أمته، ومن لا غنى به طرفة عين عن فضله ورحمته، ولا مطمع له في الفوز بالجنة والنجاة من النار إلا بعفوه ومغفرته. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، أرسله رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، ومحجة للسالكين، وحجة على العباد أجمعين. وقد ترك أمته على الواضحة الغراء، والمحجة البيضاء، وسلك أصحابه وأتباعه على أثره إلى جنات النعيم، وعدل الراغبون عن هديه إلى صراط الجحيم، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينه، وإن الله لسميع عليم. فصلى الله وملائكته وجميع عباده المؤمنين عليه، كما وحد الله ﷿ وعرفنا به ودعا إليه وسلم تسليمًا. أما بعد عباد الله: فإن أصدق الحديث كتاب الله ﷿، وخير الهدي هدي محمد ﵌، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، إن ما توعدون لآت، وما أنتم بمعجزين. قوله ﷿: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص:٧٦ - ٨٣]. هذه القصة -عباد الله- هي قصة المال الذي يطغي صاحبه، والذي لا يعترف صاحبه بأن الله ﷿ أنعم عليه بهذه النعمة، فلا يؤدي زكاة ماله، ولا يشكر ربه ﷿، ولا يستعمل النعمة في طاعة الله ﷿، بل يتكبر على عباد الله، ويبغي على عباد الله ﷿، ويحسن الظن بنفسه، يظن أنه بمهارته وبذكائه وبسعيه حصَّل هذا المال، فيقول: أنا رجل عصامي ما ورثت هذا المال: بل اكتسبته بجهدي ومهارتي. لا يعترف بأنه نعمة من عند الله ﷿، فيقول: ﴿إنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي﴾ [القصص:٧٨]. فكلما ازداد ماله يزداد كبرًا ويزداد بغيًا ويزداد عجبًا بنفسه، ثم هي قصة الدنيا التي تزهو وتعجب الناظرين، فيتمنى الناس ما عنده من زينة الدنيا، ثم عاقبة هذه الزينة الزائفة إلى الفناء وإلى الزوال: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ﴾ [القصص:٨١]. ولكن أهل العلم -عباد الله- لا يغترون بزينة الدنيا، ويعلمون أن الآخرة هي الحيوان، وأن الدنيا عرض زائل. فقصة قارون -عباد الله- التي قصها الله ﷿ علينا في كتابه، في خاتمة سورة القصص: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى﴾ [القصص:٧٦]، قيل: كان ابن عم موسى، وقيل: كان عمه لأبيه وأمه، وهناك قول بأنه كان من قومه الذين أرسل بالدعوة إليهم، أي: كان من قبط مصر، فآتاه الله ﷿: ﴿

17 / 2