223

Durūs liʾl-Shaykh Yāsir Burhāmī

دروس للشيخ ياسر برهامي

Genres

بيان الله لعباده مكر عدوهم وكشفه لحقيقته
والله ﷾ بين لأوليائه وأتباع أنبيائه على ألسنة الأنبياء حقيقة أعدائهم وصفاتهم، فجلاهم ﷾ وكشف ما في بواطنهم، من إرادتهم العلو والفساد في الأرض، وإرادتهم إطفاء نور الله ﷾، فقال: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة:٣٢ - ٣٣].
ويملي ﷾ لهم؛ وذلك لمتانة كيده، ولأنه ﷾ خير الماكرين، قال ﷿: ﴿فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ [الأعراف:١٨٢ - ١٨٣].
وقال ﷾: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ [النمل:٥٠].
والله ﷾ يكيد بأعدائه الكافرين، كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ [الطارق:١٥ - ١٧].
وبين ﷾ لعباده المؤمنين حقيقة الصراع الذي يجري بينهم وبين عدوهم، خاصة من تستمر عداوتهم إلى قبيل قيام الساعة، وهم كفرة أهل الكتاب، كما بين النبي ﵌ في شأن الملاحم الكبرى أنه: (قبيل الدجال تقع ملحمتهم مع الروم، مع كفار النصارى الذين كذبوا رسول الله ﷺ، ويغدرون حتى يأتون تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفًا، وينتصر عليهم المسلمون بفضل الله ﷿ بأرض الشام)، ثم ذكر ﷺ أمر الدجال، وذكر ﷺ الملحمة الكبرى مع اليهود بعد ذلك، فقال ﵊: (لا تقوم الساعة حتى يقتتل المسلمون واليهود فيقتل المسلمون اليهود حتى يقول الحجر والشجر: يا مسلم! هذا يهودي ورائي تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود).
ولقد بين ﷺ أيضًا أن الدجال يتبعه اليهود، فقد قال ﵊: (يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفًا عليهم الطيالسة).
فدلت هذه الأدلة على بقاء هذا الصراع إلى الأشراط الكبرى قبيل القيامة، فهذه مسألة عظيمة الأهمية في حياة المسلمين، فلابد من أن يعوا أن الصراع لن ينتهي وإن تفاوتت القوى في المراحل المختلفة والأزمنة والعصور المتفاوتة، فإن الله ﷿ يداول الأيام بين الناس امتحانًا لعباده المؤمنين للعلة التي تذكرها سبحانه بقوله: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران:١٤٠ - ١٤١].
ولقد بين ﷾ لعباده وأوليائه صفة الكفرة، وحقيقة طريقتهم حتى لا يخدع المؤمنين مخادع، ممن ينتسب إلى الإسلام بلسانه وهو في الحقيقة من أعداء الله ﷿ المنافقين، الذين يلبسون ويصدون عن سبيل إله ويبغونها عوجًا.

19 / 3