فعل الكبائر ومحبة النبي ﷺ
السؤال
هل يكون فعل المعاصي الكبائر كانت أو الصغائر، منافيًا لمحبة الرسول ﷺ، وذلك لقوله ﷺ: ﴿لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن﴾ علمًا بأن اقتضاء محبة الله طاعته في كل أمر ونهي؟
الجواب
نعم، مقتضى محبته وطاعته ﷺ ألا ترتكب الكبائر، فمن ارتكب هذه الكبائر الموبقات فإن ذلك دليل على أنه غير محبٍ للنبي ﷺ، وانتفاء ذلك كليًا إن استحلها، وإما ناقص المحبة إن لم يستحل ذلك، لكن يأتي الإشكال في قول بعض الناس: إن الرجل الذي كان يدعى حمارًا والذي جلده النبي ﷺ في شرب الخمر وهو من الصحابة، ﴿فقال رجل من القوم: اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي ﷺ: لا تلعنوه، فإنه يحب الله ورسوله﴾ فإذا قال قائل هذا يحب الله ورسوله ومع ذلك شرب الخمر، فهل هذا ينافي ما تقولونه من أن محبة النبي ﷺ تستلزم وتقتضي ألا يعصى أمره وألا ترتكب الكبائر؟ نقول: لا منافاة، لأن هذا الرجل نطق النبي ﷺ وهو الصادق المصدوق وأخبرنا أنه يحب الله ورسوله، مع أنه ﷺ في حديث آخر لما جاء سعد بن مالك يزكي رجلًا قال: ﴿يا رسول الله، إن علمناه لمؤمنًا، فقال الرسول ﷺ: أو مسلمًا، فيكررها: إن علمناه لمؤمنًا، فيقول النبي ﷺ: أو مسلمًا﴾ فهو يزكيه والنبي ﷺ يقلل من ذلك ولا يجعله في درجة المؤمنين بل في درجة المسلمين وهي أقل، فالنبي ﷺ يطلعه الله أن هذا ليس بمؤمن بل مسلم، وأطلعه على أن هذا وإن شرب الخمر فإنه يحب الله ورسوله.
فنقف عندما أخبرنا به النبي ﷺ، فهذه خصوصية له، ونحن لا نعلم القلوب ولا نعلم الغيوب، ولكن نحن نرى الظاهر، فظاهر من عصى رسول الله ﷺ يدل على أن قلبه خال من محبته الكاملة أو من محبته بالكلية -عافانا الله وإياكم من ذلك- هذا بالإضافة إلى ما قيل أن هذا الرجل كان بدريًا، وأصحاب بدر تعلمون حالهم وشأنهم، فإذًا القاعدة على عمومها، كل من عصى رسول الله ﷺ وخالف أمره فلا بد أن ذلك نقصًا في محبته له ﷺ، وإن ادعى من المحبة ما ادعى.
6 / 22