Lessons by Sheikh Ibrahim Al-Dweesh
دروس للشيخ إبراهيم الدويش
Genres
مداراة المرأة وعدم التضييق عليها والاعتذار إليها
عن أبي هريرة ﵁ قال: قال ﷺ: (استوصوا بالنساء خيرًا؛ فهن خلقن من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا) .
أخرجه البخاري ومسلم.
لا تطلب المحال، افهم جيدًا نفسية المرأة، وافهم جيدًا خلقة المرأة.
قال البيضاوي: ومعنى استوصوا أي: أوصيكم بهن خيرًا، فاقبلوا وصيتي فيهن واعملوا بها.
وفي الحديث إشارة إلى ترك المرأة على اعوجاجها في الأمور المباحة، وألا يتركها على الاعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص، كفعل المعاصي وترك الواجبات، وأيضًا في الحديث سياسة النساء بأخذ العفو منهن، والصبر عليهن وعلى عوجهن.
وقال ﷺ أيضًا في الحديث الآخر: (لا يفرك مؤمن مؤمنةً إن كره منها خلقًا رضي منها آخر) أخرجه مسلم.
ومعنى يفرك أي: يبغض منها شيئًا يفضي به إلى تركها.
وقال ﷺ: (ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن عوان عندكم) .
انظر للتشبيه انظر للصورة الجميلة: فإنهن عوان عندكم، أي: هن كأسيرات عند الرجال! فهي أشبه بالأسير، كسيرة القلب مهيضة الجناح؛ فوجب على الرجل أن يجبر قلبها، وأن يرفع من معنوياتها، ويحسن إليها ويكرمها.
أما الاعتذار إليها عند الخطأ والاعتراف به فهو أدب جم وخلق رفيع، خاصةً عند غضبها.
واسمع لهذه الأحاديث، وأرجعكم دائمًا إلى حياته ﷺ حتى نتبين -أيها الأحبة- أن حياته ﷺ في كل شئون الحياة هي قدوة ونبراس ومرجع، يجب أن نرجع إليه وأن ندرسه يقول الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب:٢١] .
روى النسائي في كتاب عشرة النساء عن أنس قال: (كانت صفية مع رسول الله ﷺ في سفر، وكان ذلك يومها فأبطأت بالمسير -أي تأخرت بالمسير عنهم- فاستقبلها رسول الله ﷺ وهي تبكي وتقول: حملتني على بعير بطيء! فجعل رسول الله ﷺ يمسح بيديه عينيها ويسكتها) .
الله أكبر! يمسح ﷺ بيديه عينيها ويسكتها! فأبت إلا بكاءً؛ فغضب رسول الله ﷺ وتركها، فذهبت صفية إلى عائشة فقالت: يومي هذا لك من رسول الله ﷺ إن أنت أرضيته عني.
فماذا فعلت عائشة؟! انظري واسمعي أيتها المرأة! وإن كان هذا الحديث سيأتيك إن شاء الله، لكن أقول: انظري إلى عقل عائشة ﵂ وانظري إلى تصرفها، كيف تملكين أيتها المرأة مفتاح قلب الزوج، واعلمي أيتها الأخت! أنك ساحرة لقلب الرجل ولذلك قلت: إن موضوع الدرس القادم سيكون بعنوان: (السحر الحلال) لأن المرأة تملك فعلًا هذا السحر بما وهبها الله ﷿ من عذوبة ورقة ونعومة.
فماذا فعلت عائشة؟! عمدت عائشة إلى خمارها وكانت صبغته بورد وزعفران، فنضحته بشيء من ماء؛ حتى تخرج رائحته ثم جاءت حتى قعدت عند رأسه ﷺ فقال لها: مالك؟ -يعني اليوم ليس لك- فقالت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء! فعرف الرسول ﷺ الحديث، فرضي عن صفية.
وانظر واسمع -أيضًا- لمثال آخر لحياته ﷺ: فعن النعمان بن بشير ﵄ قال: (جاء أبو بكر ﵁ يستأذن على النبي ﷺ، فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول ﷺ، فأذن الرسول ﷺ لـ أبي بكر بالدخول فدخل، فقال أبو بكر وتناولها: يا بنة أم رومان! أترفعين صوتك على رسول الله ﷺ؟! قال: فحال النبي ﷺ بينه وبينها -يعني كأنه جعلها خلفه يريد أن يخلصها من أبيها رضي الله تعالى عنه- فلما خرج أبو بكر جعل النبي ﷺ يقول لها -يترضاها-: ألا ترين أني قد حلت بين الرجل وبينك؟! قال: ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه فوجده يضاحكها -رجعت العلاقة مرةً أخرى؛ بملاطفة النبي وحسن مداراته لزوجه بالاعتذار منه ﷺ، انظر إلى قمة الأخلاق ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم:٤]- فأذن له النبي ﷺ بالدخول، فقال أبو بكر: يا رسول الله! أشركاني في سِلْمِكُما كما أشركتماني في حربكما) .
وفي الحديث بيان ما كان عليه النبي ﷺ من الحلم والتواضع وحسن معاشرة زوجه، فلم تدفعه مكانته أو قوامته للتكبر أو المكابرة عن الاعتذار، بل كان هو البادئ بالإصلاح ﷺ.
فأقول لك أيها الرجل: عليك بكسر حاجز المعاندة والمكابرة، وإن فعلت هذا فإنك أنت بنفسك تعود زوجك على هذا العمل وهذا الأدب، فإذا أخطأت وكان الخطأ منك ذهبت إليها واعتذرت منها، فإنها تأخذ هذا التصرف فإن قصرت أو أخطأت فستذهب هي وترجع إليك بالاعتذار.
وأُذكر هنا مرةً أخرى بقاعدة أبي الدرداء ﵁ وأرضاه مع أم الدرداء بقوله: [إذا رأيتني غضبان فرضني، وإذا رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب] .
فتعامل بهذه القاعدة في بيتك.
5 / 18