Qādat Fatḥ al-Andalus
قادة فتح الأندلس
Publisher
مؤسسة علوم القرآن
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Publisher Location
منار للنشر والتوزيع
Genres
اتصلوا بأعداء القوط في ما وراء البحر، أي خارج إسبانيا.
ولسنا بأي حال بحاجة إلى البحث عن أسباب هذا الاضطهاد، لأن الإسبان كانوا طوال تاريخهم من أقسى الناس على مخالفيهم في الدين، وعلى يهود بخاصة. ولكن يبدو أن غيطشة رجع عن سياسته في اضطهاد يهود في أخريات أيامه، فتحدث إلى كبار أهل الدولة فيما انتواه من العفو عن يهود، فأسخط رجال الكنيسة عليه، وأخذوا يغرون الناس به، حتى اشتد عليه سخط الناس، وتحدث أهل البلاد من الرومان الإسبان في الوثوب به أو معاونة أول ثائر عليه (١).
ومات غيطشة ميتة طبيعية في أواخر سنة (٧٠٨ م) أو أوائل سنة (٧٠٩ م)، وكانت مختلف الطوائف تنتظر موته. وكان أفراد البيت المالك أنفسهم من أكثر الناس انقسامًا وأشدهم ميلًا إلى الخلاف، ذلك لأن غيطشة ترك من بعده زوجًا طامعة في العرش، وأخًا لا يقل عنها طمعًا هو أُبَه (Oppa)، وكان أسقفًا لإشبيلية، وثلاثة بنين هم: أخيلا (رُمله عند المقري وابن القوطية وصححه وقِلَهْ) وألمند (Olmundo) وأرطافازدُس أو أردبست (أرطباس، أرطبان)، وتضيف بعض الرويات شخصًا آخر هو سيسبرتو (ششبرت، سبري، سبرة في النصوص العربية) وتزعم أنه كان أخًا لغيطشة أو ابنًا له.
ولم يرض نفر من كبار القوط بالخضوع لصبي مثل أخيلا، وتخوف كثير من مطامع الوصيّ رخشندش واستبداده، فامتنع مَن أقام منهم في طليطلة عن الطاعة، واستقل بالأطراف والنواحي منهم من كان مقيمًا فيها، ودارت رحى الحرب بين المتنافسين، وتعذر على الملكة وابنها المقام في طليطلة ففرّا منها. واستمرت هذه الفوضى نحو سنة ونصف السنة، واستطاع الوصي أن يجمع نفرًا كبيرًا من الأنصار، وتحبَّب إلى عامة أهل البلاد الرومان الإسبان من أهل المزارع والمدن، واستطاع أن يكسبهم إلى جانبه. وبدا لخصومه أنه
(١) Saavedra. op.cit. p. ٣٠.
1 / 131