قال سطيح: وهذا نوع من أنواع الحسد؛ فإنك تعمد إلى ذكر شعر ملؤه الوهن والغميزة، وتعرض عن ذكر ما هو رصين من شعره، فتالله إن في قوله:
بسيفك يعلو الحق والحق أغلب
وينصر دين الله أيان تضرب
وفي قوله:
همت الفلك واحتواها الماء
وحداها بمن تقل الرجاء
لآيات لقوم يعقلون.
قال صاحبي: حسبي فيما ذكر، وحسبك فيما تنكره علي من ذلك أن أنشدك هذين البيتين، ثم ذكر بيتين لا يحضرني منهما غير الشطر الأول:
تلك القوافي التي شاهدت شهرتها
قال سطيح: صنع الله لك يا فلان؛ فإني أراك تستبطن أمره، وتستقصي شعره، ولكن هذا لا يعيب من لبث ما أدري كم سنة يضرب على وتر واحد في الغزل والمديح، وهو يأتي في كل ضربة بنغمة جديدة، فلو أنك جئت بأطبع خلق الله على الشعر وكلفته ألا ينظم ما عاش في غير المدح، لما غني عن الظهير والمشير، ولما جاء بأبدع مما يجيء به اليوم شاعر الشرق، فاعلم أنه حقيق بالرئاسة عليكم، وأنه في مقدمة أولئك الذين انبروا لتشييد هذه الدولة الأدبية، ورفعوها على ألسنة الأقلام، فإن أنكرته بعد اليوم، فقد أنكرت نفسك، وكذبت حسك، فهو عميد رجال هذه الدولة الجديدة، فلا يكن مثلك وإياه كمثل البحتري وذئبه الذي يقول فيه:
Unknown page