وضحك سخربوط ساخرا، وقال معلقا: نحن نستمتع بالكون بلا خوف.
فصاح به قمقام: لا سرور لمن خلا من الله قلبه.
فتساءلت زرمباحة ساخرة: حقا؟
وتبادلت مع رفيقها الغرام، فتطاير من عناقهما الشرر .. اختفى قمقام وسنجام فند عن حنجرتي سخربوط وزرمباحة هتاف انتصار، وقال لها: غبت عني دهرا.
فقالت ضاحكة: لعبت لعبة في معبد بالهند، وأين كنت أنت؟ - قمت برحلة فوق الجبال.
فقالت زرمباحة بإغراء: رأيت لدى عودتي فتاة جميلة بهرني جمالها والحق يقال. - أنا أيضا رأيت شابا جميلا في حي العطور لا نظير لجماله بين البشر. - إن نظرة على فتاتي ستمحو من ذاكرتك صورة فتاك. - هذه مغالاة لا مسوغ لها. - تعال وانظر بعينيك. - أين توجد فتاتك؟ - في قصر السلطان نفسه.
وفي غمضة عين كانا في جناح البهاء بقصر السلطان .. تراءت فتاة آية في الجمال وكانت تنزع عباءتها المطرزة بأسلاك من ذهب لترتدي حلة نومها المصنوعة من الحرير الدمشقي .. قالت زرمباحة: دنيازاد أخت شهرزاد زوجة السلطان. - جمالها يفوق الحياة حقا .. لم يحظى بهذا الجمال كائن سريع العطب؟ - صدقت؛ فهو ما يتألق إلا أياما معدودات ثم يعبث به الزمن. - لذلك تلذ الشماتة بهم. - لهم عقل، ولكنهم يحيون حياة الأغبياء. - لشد ما تبدو خالدة! - لعلك الآن تسلم أنها أجمل من فتاك؟
فقال سخربوط بعد تردد: لا أدري .. تعالي لتنظري بنفسك.
في أقل من لحظة كانا في دكان شاب آية في الحسن، كان يغلق الدكان ويطفئ السراج ويهم بالذهاب .. قال سخربوط: هذا نور الدين بياع العطور. - جماله فائق أيضا، من هو صاحبك؟ - بياع كما ترين، وما يهمنا أصله. - هو أليق الذكور بفتاتي وهي أليق الإناث به. - يعيشان في مدينة واحدة ويفصل بينهما ما يفصل بين السماء والأرض. - هذا هو العبث، فكيف نتهم نحن بأننا العابثون؟! - كيف لا يتنافس الخطاب في فتاتك؟ - مهلا، يتمناها كثيرون، منهم يوسف الطاهر حاكم الحي، ومنهم كرم الأصيل صاحب الملايين، ولكن من الكفء لأخت السلطانة؟! - زرمباحة، هذا الكون مثقل بالحماقة.
وهتفت زرمباحة بسرور: جاءتني فكرة. - ما هي؟ - فكرة جديرة بإبليس نفسه. - أشعلت أشواقي! - نجمع بينهما في دعابة ماكرة.
Unknown page