199

Al-Ṭabaqāt al-kubrā al-musammā bi-lawāqiḥ al-anwār fī Ṭabaqāt al-akhyār

الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار

Publisher

مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر

Publication Year

1315 هـ

غصن، ونور أستاذك شمس تحييك، وقمر يربيك؟ وكان يقول متى فتحت سدد مداركك أدركت بكل منها ما يدركه كل منها فلا تسمع شيئا إلا رأيته وقس على هذا في كل مقام بحسبه، وكان يقول إذا سلمت النفس بحكم القلب لم يبق لها نزاء لربها، ووليها وإلا فلها من النزاع بقدر ما فيها من الشرك، وكان يقول: سكوت العالم حيث تعين الكلام عليه ككلام الجاهل.

وكان يقول: في حديث: " من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين "، الذبح إزالة الفضلات الردية فهو ذبح معنوي لأنه بغير سكين فمن ولي القضاء مع إزالة رعوناته الوهمية فهو ولي أمر قاض بالحق، ومن لا فهو متغلب قاضي جور. قلت: ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام في جلد الميتة " دباغه ذكاته " فتأمل، وكان يقول: ما دام معلمك يولد عندك المعلومات فهو أبوك فإذا تحققت روحك بنوره صار علمه يتجلى فيك معلوماته أبهة، وذلك هو الوحي، وإنما يوحي إليك ربك فاعرف، واغنم، وكان يقول في قوله تعالى: " وأقم الصلاة لذكري " " طه: 14 " أي لا لأجري ولا لشيء غيري فهذه عبادة المحبين، وكان يقول: كل محق مصدق، ولا عكس فمن، وجد الحق بالحق فهو محق مصدق، ومن، وجد بأمر زائد فهر مصدق فقط، وكان يقول: من تعدى حده قيد، ومن لا غير له لا حد له فافهم، وكان يقول: لا يراك إلا أنت فمن لك بمن هو أنت حتى تتراءى له فيراك، وكان يقول: إنما كان أستاذك أعلم بك منك لأنه هو حقيقتك وأنت ظلمة فافهم، وكان يقول: معرفتك بحقيقتك على قدر معرفتك بأستاذك، وكان يقول: ما لم يرتفع حكم المغايرة لأستاذك عندك فأنت بالحقيقة لا شك ضائع فارجع إلى ربك فاسأله فافهم، وكان يقول: حيث جاء الخطاب الرباني بيا بني آدم فالمراد بهم أهل اليمين.

وكان يقول: متى تخلص حريرة الإيمان من شوك السعدان، والله مأثم إلا الله: ولكن الله يفعل ما يريد، وكان يقول: في حديث: " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي " المراد بابن آدم من كان محجوبا فإن عمل المقربين كله لربهم، وكله صوم لتجردهم عن شهود نسبته إليهم إلا على، وجه المجاز " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء "، وكان يقول: صورة الأستاذ الناطق مرآة سر المريد الصادق إذا نظر فيها بيصيرته شهدها على صورة سريرته فأول مبادئ المريد أن تتحلى طويته بسمات أهل الفلاح، والولاية فإذا كشف لبصيرته عن أستاذه رأى صورة صلاحه، وولايته في صفاء صورة أستاذه فينطق أن أستاذه هو الصالح الولي فيستمد من بركات ملاحظته المتوالية، وهممه العالية، ولا يزال مطلبه من الأستاذ دعواته المنيفة، وخواطره الشريفة فيتودد إليه تودد المتأنس حتى ينفخ إسرافيل العناية في صور صورة قلبه روح التخصيص الآدمي فهناك يشهد أستاذه آدم الزمان، ومالك أزمة الأكوان فيعظمه تعظيم الشاب لأبيه المهاب إلى أن يسفر حجاب صورته الآدمية عن جمال ما خصه من الروح المحمدية فهناك يشهد أستاذه سيدا محمديا، ويكون له عبدا، ولا يجعل له في سواه أربا، ولا قصدا إلى أن يغشى سدرة سره الأنوار الروحانية، وينزغ من البصر نزغة الزيغ، وغطاء الطغيانية فينظر إلى أستاذه فلا يرى إلا الواحد يتجلى في كل مشهد على قدر وسع الشاهد فيصير عدما بين يدي، وجود، ومحوا في حضرة شهود فأول أمره توفيق، وأوسه تصديق، وآخره تحقيق، وهذه النهاية هي بداية السعاية بقدم الصدق في مقعد صدق عند مليك مقتدرا وكان رضي الله عنه يقول: من، وضع العسل في قشر الحنظل التبس حال أصله على الجهلة إذا تمرر العسل لمرارة أصله ظنه الجاهل مرا من أصله " قل هو للذين آمنوا هدى، وشفاء، والذين لا يؤمنون في آذانهم، وقر، وهو عليهم عمى "، وكان رضي الله عنه يقول: امتهان العباد المكرمين بعد معرفتهم سم ساعة متى خالط القلب مات لوقته، وكان يقول: المخصوص بالله هو الذي نفذ من جميع الأقطار سره وجهره فلم يسعه غير الله، ولم يسع الله غيره، وغير المخصوص بالله بضد ذلك فهو مقيد في الأرض أو السماء أو البرزخ أو الجنة أو النار، وكان رضي الله عنه يقول: الواحد لا يظهر في كل إلا، واحدا وإن كانوا أكثر من واحد في الصورة فهم واحد في السريرة كعيسى، ويحيى، وموسى، وهارون مثلا فهما اثنان حسا وهما في الحقيقة واحد: " فقولا، إنا رسول رب العالمين " " الشعراء: 16 "، كما إذا شئت أن تعبر عن اسم الذات الأقدس بالعربية تقول: الله جل جلاله، وبالعبرانية الوهيم، وبالفارسية خداي، وبالتركية تكرى وبالرومية ثيبوس، وبالقبطيه ليصا، في كل لغة بلفظ، وانظر إلى

Page 29