166

Al-Ṭabaqāt al-kubrā al-musammā bi-lawāqiḥ al-anwār fī Ṭabaqāt al-akhyār

الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار

Publisher

مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر

Publication Year

1315 هـ

حجب، وإذا عرض الكون الآخروي، أوقف، وكان يقول: لا يطفئ نور الحقيقة، وشمسها هبوب هواء النفوس، والدنيا لأن جواهرها مستقرة في قعر بحار القلوب، ولا يصل إليها غواص النفس، والهوى، وكان يقول: لو لم يبعد العارف الحقيقة عن ذاته قليلا ما أمكنه التعبير عنها، وكان يقول: إذا نظر العارف بين بصيرته غابت الدنيا في مراته لأن حدقة بصيرته أوسع منها، وكان يقول: العالم الدنيوي محل ظهور المعنى الإنساني، ومن بعد الموت إلى آخر المحشر محل ظهور النور الإيماني، ومن مبتدأ دخول الجنة محل ظهور السر العرفاني، وكان يقول: لله تعالى في كل حقيقة علم لا يعلمه فيها غيره، والناس، فيما دون ذلك متفاوتون، وكان رضي الله عنه يقول: القلوب الغافلة إذا سمعت الحقائق نفرت، ولا يثبت لسماع الحقائق إلا قلب أراد الحق ترقيه، وكان يقول: لا يظهر ولي في الدنيا قط بحقيقته، وإنما يظهر بعلمه لا بعينه، فإذا كان يوم القيامة أظهرهم الله بحقائقهم

وأعيانهم وكان رضي الله عنه يقول: يا بن آدم ما أنصفت يدعوك داعي الدنيا بكلمة واحدة لشيء ذاهب كدر، فان فتجيبه ألف يوم، ويدعوك داعي الآخرة لشيء باق صاف ثابت ألف يوم، فلا تجيبه يوما واحدا فليتك إذا لم تقدر الآخرة سويت بينهما، وكان رضي الله عنه يقول: من العجب كون الإنسان ينظر لشمس الدنيا فيستضيء بنورها، وينتفع بآثارها، وفي سر، وجوده شمس أنوار، وهو غافل عن شهود حقيقتها لظلمة ذاته الطينية. انهم وكان رضي الله عنه يقول: يا بن آدم ما أنصفت يدعوك داعي الدنيا بكلمة واحدة لشيء ذاهب كدر، فان فتجيبه ألف يوم، ويدعوك داعي الآخرة لشيء باق صاف ثابت ألف يوم، فلا تجيبه يوما واحدا فليتك إذا لم تقدر الآخرة سويت بينهما، وكان رضي الله عنه يقول: من العجب كون الإنسان ينظر لشمس الدنيا فيستضيء بنورها، وينتفع بآثارها، وفي سر، وجوده شمس أنوار، وهو غافل عن شهود حقيقتها لظلمة ذاته الطينية.

وكان رضي الله عنه يقول: ديننا هذا قسمان ظاهر علم، وباطن حقيقة، فظاهره مضبوط بالأصول، والنقول، وباطنه مضبوط بأنوار القلوب، فمن أتاك بشيء منه، فاستشهد عليه بما هو منه فالظاهر بشواهده، والباطن بشواهده، فمن قبل شيئا من ظاهر بغير نقل ثقة زل، ومن قبل شيئا من باطن بغير شهود قلب ضل، وكان يقول: من أحسن الأنوار نور يرد على قلب المريد ولا يلوث بظلمة الدعوى، وكان يقول: والله ليس قصد الدعاة إلى الله تعالى علوما، ولا أحوالا، ولا مقامات، ولا خصائص ولا غير ذلك، وإنما قصدهم جمع كلمة الدين باطنا كما هي مجموعة ظاهرا، وكان يقول: لولا أن الله تعالى قيد الأرواح بقيدين ثقيلين لطارت إلى الله تعالى طيرانا.

قلت: ولعل المراد بالقيدين الأمر والنهي، وكان يقول: قلب العارفين يكتب، وقلب المريدين يكتب فيه، وقلب الغافلين لا يكتب، ولا يكتب فيه، وكان يقول: إذا بدت لك الحقائق كان علما، وإذا بدت فيك كان كشفا، وكان يقول: العالم الرباني في الوجود كالقلب والوجود له كالجوف، وما جعل الله تعالى لرجل من قلبين في جوفه، ولو أن المدد الحقيقي ورد في هذا العالم من عارفين على السواء لسري في قلوب الآخذين وجود الشرك الخفي، فافهم. قلت: مراده أن المرتبة في كل عصر لواحد في نفس الأمر، والزائد أعوان له، والله تعالى أعلم، وكان يقول: ما ثبت على عبد خصوصية نفسين إلا طغى بها.

فإن أراد الله تعالى به خيرا طهره من شهود أوصافه، وكان يقول: المؤمن الذي يجاهد نفسه يختم الله له بالإسلام أكثر من مائة ألف مرة لتكرار موته في ذات الله تعالى بسيوف المجاهدة، وكان يقول: سيرك قدما واحدا على أثر قدم عارف أحسن من مائة ألف فرسخ تسيرها بهواك، وكان يقول: كلمة الحكمة عروس كريمة، فإن لم تجد كفؤا رجعت إلى بيت أبيها وكان يقول: أعلى مقامات المغفرة في الدنيا وجود الفتح الحقيقي، وهو توقيع الولاية، وكان يقول: العابد يسلم في عمره مرة واحدة، والمريد يسلم في عمره كذا كذا مرة، وكان يقول: أتباع كل طائفة يأخذون بالإيمان، وأتباع هذه الطائفة يأخذون بالعيان، وكان يقول: العارف لا قلب له يعيش به لأنه بربه لا بقلبه وكان بعض العارفين يقول: عاش من لا قلب له، وأنشدوا في معناه:

يقولون لو راعيت قلبك لا رعوى ... فقلت: وهل للعارفين قلوب

وكان يقول: مكث الوارد يدل على علوه، وكان يقول: لو كشف للعبد المؤمن، أو العارف على ما في طي قلبه لأشرقت منه الأكوان، وكان يقول: لا بد أن يجلس العارفون في الجنة، ويحدثون الناس حديثا فوق هذا من حديث الجنة، وعملها، وآدابها، وكان يقول: أكثر الناس عطاء، وكرما من جعل الله على يديه أرزاق عباده، وكان يقول: لولا روح الحقائق ماتت الخلائق، وكان يقول: لو علمت قدرك قبل أبيك آدم لندمت إلى الممات، وكان يقول: لا تقنع قط بسمعت، ورويت بل شهدت، ورأيت، وكان يقول: يتكلم العارف مائة ألف سنة، ثم إنه لا يقدم على الله تعالى إلا بوصف السكوت قال الله تعالى: " يوم يجمع الله الرسل فيقول مذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت

Page 168