64

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Publisher

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Edition Number

الثانية

Publication Year

1402 AH

Publisher Location

دمشق

أَحْمَدَ نَحْوُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَإِنَّ أُمَّهُ حَمَلَتْ بِهِ بِمَرْوَ، وَقَدِمَتْ بَغْدَادَ وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ، فَوَضَعَتْهُ بِهَا، وَوَلِيَتْهُ أُمُّهُ وَاسْمُهَا صَفِيَّةُ، وَهِيَ شَيْبَانِيَّةٌ أَيْضًا، فَإِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ مَيْمُونِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيِّ (مِنْ بَنِي عَامِرٍ)، نَزَلَ أَبُوهُ بِهِمْ فَتَزَوَّجَهَا، وَجَدُّهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سَوَادَةَ بْنِ هِنْدٍ الشَّيْبَانِيُّ مِنْ وُجُوهِ بَنِي شَيْبَانَ، تَنْزِلُ بِهِ قَبَائِلُ الْعَرَبِ لِلضِّيَافَةِ، فَحَازَ إِمَامُنَا ﵁ شَرَفَ النَّسَبَيْنِ، وَكَمُلَ لَهُ بِأَصْلَيْهِ تَمَامُ الشَّرَفَيْنِ. [مذهب الإمام أحمد هو مذهب السلف] (فَإِنَّهُ إِمَامُ أَهْلِ الْأَثَرِ ... فَمَنْ نَحَا مَنْحَاهُ فَهْوَ الْأَثَرِي) (فَإِنَّهُ) أَيِ الْإِمَامَ أَحْمَدَ ﵁ (إِمَامُ) وَقُدْوَةُ، (أَهْلِ) أَيْ أَصْحَابِ (الْأَثَرِ)، يَعْنِي الَّذِينَ إِنَّمَا يَأْخُذُونَ عَقِيدَتَهُمْ مِنَ الْمَأْثُورِ عَنِ اللَّهِ - جَلَّ شَأْنُهُ - فِي كِتَابِهِ، أَوْ فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ ﷺ أَوْ مَا ثَبَتَ وَصَحَّ عَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ، وَالتَّابِعِينَ الْفِخَامِ، دُونَ زُبَالَاتِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، وَنُخَالَاتِ أَصْحَابِ الْآرَاءِ وَالْبَشَعِ، (فَمَنْ) أَيْ: أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، (نَحَا) أَيْ: قَصَدَ وَيَمَّمَ، (مَنْحَاهُ) أَيْ: مَقْصِدَهُ وَمَذْهَبَهُ، وَسَارَ بِسِيرَتِهِ مِنِ اتِّبَاعِ الْأَخْبَارِ وَاقْتِفَاءِ الْآثَارِ، (فَهْوَ) أَيْ: ذَلِكَ الذَّاهِبُ مَذْهَبَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، (الْأَثَرِي) أَيِ: الْمَنْسُوبُ إِلَى الْعَقِيدَةِ الْأَثَرِيَّةِ، وَالْفِرْقَةِ السَّلَفِيَّةِ الْمَرْضِيَّةِ. وَيُعْرَفُ أَيْضًا بِمَذْهَبِ السَّلَفِ، وَهُوَ مَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَجَمِيعِ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ الْمُقَلَّدِينَ فِي أَحْكَامِ الدِّينِ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَهُوَ شَيْخُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَشَيْخُ الشَّافِعِيِّ وَشَيْخُ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِمْ: اتَّخَذْتُ أَحْمَدَ إِمَامًا فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى، وَقَالَ: إِذَا أَفْتَانِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَمْ أُبَالِ إِذَا لَقِيتُ رَبِّي كَيْفَ كَانَ، وَقَالَ: أَحْمَدُ سَيِّدُنَا، حَفِظَ اللَّهُ أَحْمَدَ، هُوَ الْيَوْمَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَعَزَّ هَذَا الدِّينَ بِرَجُلَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَوْمَ الرِّدَّةِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَوْمَ الْمِحْنَةِ. وَقَدْ قَالَ قُتَيْبَةُ وَأَبُو حَاتِمٍ: إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يُحِبُّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فَاعْلَمْ أَنَّهُ صَاحِبُ سُنَّةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَاكُولَا: الْإِمَامُ أَحْمَدُ هُوَ إِمَامُ النَّقْلِ، وَعَلَمُ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ: الْإِمَامُ أَحْمَدُ إِمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَفِي قَصِيدَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ فُلَانٍ التِّرْمِذِيِّ:

1 / 64