Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Publisher
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Edition Number
الثانية
Publication Year
1402 AH
Publisher Location
دمشق
Genres
Creeds and Sects
أَنَا الْفَارِسُ الْحَامِي حَقِيقَةَ وَالِدِي ... وَآلِي فَمَا تَحْمِي حَقِيقَةَ آلِكَا
وَفِي شِعْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ جَدِّ النَّبِيِّ ﷺ:
وَانْصُرْ عَلَى آلِ الصَّلِيـ ... ـبِ وَعَابِدِيهِ الْيَوْمَ آلَكْ
نَعَمْ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى إِضَافَتِهِ إِلَى الظَّاهِرِ قَلِيلٌ. وَإِنَّمَا أَتْبَعْنَا آلَهُ ﵊ لَهُ، لِمَا تَضَافَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ وَصَحَّتْ بِهِ الْآثَارُ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ: " «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ» ". إِلَى مَا لَا يُحْصَى إِلَّا بِكُلْفَةٍ.
" وَ" الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الدَّائِمَانِ الْمُتَّصِلَانِ عَلَى (صَحْبِهِ)، اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبٍ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: جَمْعٌ لَهُ، وَبِهِ جَزَمَ الْجَوْهَرِيُّ، فَقَالَ: وَجَمْعُ صَاحِبٍ صَحْبٌ، كَرَاكِبٍ وَرَكْبٌ. وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَالْمُرَادُ بِالصَّاحِبِ هُنَا الصَّحَابِيُّ. " الْأَبْرَارُ " جَمْعُ الْبَرِّ أَيِ الْبَارُّ، وَهُوَ الصَّادِقُ وَالْكَثِيرُ الْبِرِّ وَالصِّدْقِ فِي الْيَمِينِ، وَفِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى " الْبَرُّ " دُونَ الْبَارِّ، قَالَ الْعَلَّامَةُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِهِ (تُحْفَةِ الْعُبَّادِ): الْبَرُّ هُوَ الْعَطُوفُ عَلَى عِبَادِهِ الْمُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، عَمَّ بِبِرِّهِ جَمِيعَ خَلْقِهِ، فَلَمْ يَبْخَلْ عَلَيْهِمْ بِرِزْقِهِ، وَهُوَ الْبَرُّ بِأَوْلِيَائِهِ إِذْ خَصَّهُمْ بِوِلَايَتِهِ، وَاصْطَفَاهُمْ لِعِبَادَتِهِ، وَهُوَ الْبَرُّ بِالْمُحْسِنِ فِي مُضَاعَفَةِ الثَّوَابِ لَهُ، وَبِالْمُسِيءِ فِي الصَّفْحِ وَالتَّجَاوُزِ عَنْهُ. وَالْأَبْرَارُ كَثِيرًا مَا يُخَصُّ بِالْأَوْلِيَاءِ وَالزُّهَّادِ وَالْعُبَّادِ وَالصَّحَابَةِ الْكِرَامِ أَفْضَلِ أَوْلِيَاءِ الْأَنَامِ، وَفِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ﴿وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ﴾ [آل عمران: ١٩٣]، وَالصَّحَابِيُّ مَنِ اجْتَمَعَ بِالنَّبِيِّ ﷺ مُؤْمِنًا وَلَوْ لَحْظَةً، وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ تَخَلَّلَهُ رِدَّةٌ.
[مراتب الصحابة]
وَقَسَّمَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ الصُّحْبَةَ إِلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ:
(الْأُولَى): مَنْ كَثُرَتْ مُعَاشَرَتُهُ وَمُخَالَطَتُهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهَا إِلَّا بِهَا، فَيُقَالُ: هَذَا صَاحِبُ فُلَانٍ وَخَادِمُهُ لِمَنْ تَكَرَّرَتْ خِدْمَتُهُ، لَا لِمَنْ خَدَمَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ سَاعَةً أَوْ يَوْمًا.
(الثَّانِيَةُ): مَنِ اجْتَمَعَ بِهِ ﷺ مُؤْمِنًا وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً ; لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَحِبَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ إِلَى الِاشْتِهَارِ بِهِ.
(الثَّالِثَةُ): مَنْ رَآهُ ﷺ رُؤْيَةً، وَلَمْ يُجَالِسْهُ وَلَمْ يُمَاشِهِ، فَهَذَا أُلْحِقَ بِالصُّحْبَةِ إِلْحَاقًا، وَإِنْ كَانَتْ حَقِيقَةُ الصُّحْبَةِ لَمْ تُوجَدْ فِي حَقِّهِ، وَلَكِنَّهَا صُحْبَةٌ إِلْحَاقِيَّةٌ حُكْمِيَّةٌ لِشَرَفِ قَدْرِ
1 / 52