Lawāmiʿ al-Anwār al-Bahiyya wa-Sawāṭiʿ al-Asrār al-Athariyya li-sharḥ al-Durra al-Muḍiyya fī ʿaqd al-Firqa al-Marḍiyya
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Publisher
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Edition Number
الثانية
Publication Year
1402 AH
Publisher Location
دمشق
Genres
العقائد والملل
وَرُوِيَ بِإِسْنَادِهِ أَيْضًا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ قَالَ: قَالَ لِيَ الْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ: يَا أَبَا يَعْقُوبَ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي تَرْوُونَهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: " «يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا» " كَيْفَ يَنْزِلُ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَعَزَّ اللَّهُ الْأَمِيرَ، لَا يُقَالُ لِأَمْرِ الرَّبِّ كَيْفَ يَنْزِلُ؟ إِنَّمَا يَنْزِلُ بِلَا كَيْفٍ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا يَجُوزُ الْخَوْضُ فِي أَمْرِ اللَّهِ كَمَا يَجُوزُ الْخَوْضُ فِي أَمْرِ الْمَخْلُوقِينَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣] وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَوَهَّمَ عَلَى اللَّهِ بِصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ يَفْهَمُ مَا يَجُوزُ التَّفَكُّرُ وَالنَّظَرُ فِي أَمْرِ الْمَخْلُوقِينَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِالنُّزُولِ كُلَّ لَيْلَةٍ إِذَا مَضَى ثُلُثُهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كَمَا شَاءَ، وَلَا يُسْأَلُ كَيْفَ نُزُولُهُ لِأَنَّ الْخَالِقَ يَصْنَعُ مَا يَشَاءُ كَمَا شَاءَ.
وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (فِي شَرْحِ الْأَصْفَهَانِيَّةِ) عَنِ الْإِمَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ﵁ أَنَّهُ سَأَلَهُ سَائِلٌ عَنِ النُّزُولِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقَالَ: يَا ضَعِيفُ، لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَحْدَهَا؟ يَنْزِلُ اللَّهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ: كَيْفَ يَنْزِلُ؟ أَلَيْسَ يَخْلُو ذَلِكَ الْمَكَانُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: يَنْزِلُ كَيْفَ شَاءَ.
وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّيْسَابُورِيُّ: لَمَّا صَحَّ خَبَرُ النُّزُولِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَقَرَّ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ، وَقَبِلُوا الْحَدِيثَ، وَأَثْبَتُوا النُّزُولَ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّسُولُ ﷺ، وَلَمْ يَعْتَقِدُوا تَشْبِيهًا بِنُزُولِ خَلْقِهِ، وَعَلِمُوا، وَعَرَفُوا وَاعْتَقَدُوا، وَتَحَقَّقُوا أَنَّ صِفَاتَ الرَّبِّ لَا تُشْبِهُ صِفَاتَ الْخَلْقِ، كَمَا أَنَّ ذَاتَهُ لَا تُشْبِهُ ذَوَاتَ الْخَلْقِ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الْمُشَبِّهَةُ وَالْمُعَطِّلَةُ عُلُوًّا كَبِيرًا.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: جَمَعَنِي وَهَذَا الْمُبْتَدَعَ - يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ صَالِحٍ - مَجْلِسُ الْأَمِيرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ، فَسَأَلَنِي الْأَمِيرُ عَنْ أَخْبَارِ النُّزُولِ فَثَبَتُّهَا، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحٍ: كَفَرْتُ بِرَبٍّ يَنْزِلُ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ. فَقُلْتُ: آمَنْتُ بِرَبٍّ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ. فَرَضِيَ عَبْدُ اللَّهِ كَلَامِي وَأَنْكَرَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّيْسَابُورِيُّ الْمُلَقَّبُ بِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي رِسَالَتِهِ الْمَشْهُورَةِ فِي السُّنَّةِ: وَيُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ نُزُولَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ فِي
1 / 244