Lawāmiʿ al-Anwār al-Bahiyya wa-Sawāṭiʿ al-Asrār al-Athariyya li-sharḥ al-Durra al-Muḍiyya fī ʿaqd al-Firqa al-Marḍiyya
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Publisher
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Edition
الثانية
Publication Year
1402 AH
Publisher Location
دمشق
Genres
Creeds and Sects
مِنْهُمْ أَنَّهُ هُوَ الْعِلْمُ الْحَقُّ وَالْقَوْلُ الصِّدْقُ، فَيَأْتِي غَيْرُ ذَلِكَ الْفَرِيقِ، فَيَنْقُضُهُ وَيَرْمِي صَاحِبَهُ بِالزَّنْدَقَةِ وَالتَّحْمِيقِ، فَكُلُّ فِرْقَةٍ مِنَ الْمُتَأَوِّلِينَ تُخَطِّئُ الْأُخْرَى، وَتَزْعُمُ أَنَّ مَا اهْتَدَتْ إِلَيْهِ بِعَقْلِهَا أَحَقُّ وَأَحْرَى، فَتَرُدُّ مَا زَعَمَتْ تِلْكَ أَنَّهُ بُرْهَانٌ، فَتَجِيءُ الْأُخْرَى فَتُبَرْهِنُ عَلَى بُطْلَانِهِ، وَتَزْعُمُ أَنَّهُ هَذَيَانٌ، وَتَعْتَقِدُ أَنَّ الَّذِي زَخْرَفَتْهُ هُوَ حَقُّ الْيَقِينِ، فَتَأْتِي فِرْقَةٌ أُخْرَى فَتَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ وَحْيِ الشَّيَاطِينِ، فَكُلُّ مَنْ طَالَعَ كُتُبَ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ، عَلِمَ مَا فِي قَوْلِهِمْ مِنَ الْهَذْرَمَةِ وَالزَّخْرَفَةِ.
وَالنَّاسُ شَتَّى وَآرَاءٌ مُفَرَّقَةٌ ... كُلٌّ يَرَى الْحَقَّ فِيمَا قَالَ وَاعْتَقَدَا
(وَ) أَلَمْ تَرَ (حُسْنَ مَا) أَيِ الْمَذْهَبِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَالْمَنْحَى الَّذِي (نَحَاهُ) وَقَصَدَهُ وَنَهَجَهُ (ذُو) أَيْ صَاحِبُ مَذْهَبِ (الْأَثَرِ) مِنَ النَّبِيِّ الْأَمِينِ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ الَّذِينَ هُمْ عُمْدَةُ هَذَا الدِّينِ، (فَإِنَّهُمْ) أَيِ الْأَثَرِيَّةَ الْمَفْهُومِينَ مِنْ قَوْلِهِ: وَحُسْنَ مَا نَحَاهُ ذُو الْأَثَرِ، (قَدِ اقْتَدَوْا) فِيمَا اعْتَقَدُوهُ، وَعَوَّلُوا فِيمَا اعْتَمَدُوهُ (بِـ) النَّبِيِّ (الْمُصْطَفَى) افْتِعَالٌ مِنَ الصَّفْوَةِ، وَهُوَ نَبِيُّنَا رَسُولُ اللَّهِ مُحَمَّدٌ ﷺ (وَ) اقْتَدَوْا مِنْ بَعْدِهِ ﷺ (بِصَحْبِهِ) الَّذِينَ صَحِبُوهُ، وَنَقَلُوا عَنْهُ الشَّرِيعَةَ، وَعَايَنُوا الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ، وَعَلِمُوا مِنَ الرَّسُولِ بِمَا جَاءَ بِهِ جِبْرِيلُ، فَإِنْ كُنْتَ تَبْغِي السَّلَامَةَ، وَتَسْلَمُ مِنَ الْبِدَعِ وَالنَّدَامَةِ، (فَاقْنَعْ) أَيِ: ارْضَ (بِهَذَا) الْبَيَانِ، الْمُسْنَدِ إِلَى آيَاتِ الْقُرْآنِ، وَإِلَى حَدِيثِ سَيِّدِ وَلَدِ عَدْنَانَ، وَإِلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ، (وَكَفَى) بِهَؤُلَاءِ مُسْتَنَدًا وَمُعْتَقَدًا، فَالسَّلَامَةُ فِيمَا نَحَوْهُ وَأَصَّلُوهُ، لَا فِيمَا زَخْرَفَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ وَتَقَوَّلُوهُ.
[تَنْبِيهَاتٌ خاصة بتأويل الصفات]
[التنبيه الأول الاختلاف في فهم الكمال]
تَنْبِيهَاتٌ
(الْأَوَّلُ): لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُقَلَاءِ أَنَّ اللَّهَ ﷾ مُتَّصِفٌ بِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ، مُنَزَّهٌ عَنْ جَمِيعِ صِفَاتِ النَّقْصِ، لَكِنَّهُمْ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى ذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الْكَمَالِ وَالنَّقْصِ، فَتَرَاهُمْ يُثْبِتُ أَحَدُهُمْ لِلَّهِ مَا يَظُنُّهُ كَمَالًا، وَيَنْفِي
1 / 104