Lataif Macarif
لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
Investigator
ياسين محمد السواس
Publisher
دار ابن كثير
Edition Number
الخامسة
Publication Year
1420 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Sufism
كُلُّنا في غَفْلَةٍ والمَوْتُ … يَغْدُو وَيرُوحُ
لِبَني الدُّنيا مِنَ المَوْتِ … غَبُوقٌ وصَبُوحُ (^١)
سَيَصِيرُ المرءُ يَوْمًا … جَسَدًا ما فِيهِ رُوحُ
بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ حَيٍّ … عَلَمُ المَوْتِ يَلُوحُ
نُحْ عَلَى نَفْسِكَ يا … مِسْكِينُ إنْ كُنْتَ تَنُوحُ
لَتَمُوتَنَّ وَلَو … عُمِّرْتَ ما عُمِّرَ نُوحُ
لمَّا كانَ الموتُ مَكْرُوهًا بالطَّبعِ، لِما فيه مِنَ الشِّدَّةِ والمشقَّةِ العظيمةِ، لم يَمُتْ نَبِيٌّ مِنَ الأنبياءِ حتَّى يُخيَّرَ، ولذلك وَقَعَ التردُّدُ فيه (^٢) في حَقِّ المؤمن، كما في حديثِ أبي هُريرةَ، عن النَّبيِّ ﷺ: "يقول الله ﷿: ومَا تَردَّدْتُ عن شيءٍ أنا فاعِلُه، ترددِي في قَبْضِ نَفْسِ عَبدِي المؤمنِ، يكرَهُ المَوْتَ وأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ" (^٣)، ولابُدَّ لَهُ منه [كما رواه البخاري] (^٤).
قال ابنُ أبي مُلَيْكَةَ: لمَّا قُبضَ إبراهيمُ ﵇ قال الله ﷿: كَيفَ وَجَدْتَ المَوْتَ؟ قال: يا رب، كأن نفسِي تُنْزَعُ بالسَّلى (^٥)، فقال: هذا وقَدْ هَوَّنَّا عليكَ المَوْتَ! وقال أبو إسحاق: قيلَ لموسى ﵇: كيفَ وجدْتَ طَعْمَ المَوْتِ؟ قال: وجَدْتُه كسُفُودٍ (^٦) أُدْخِلَ في صُوفٍ فاجتُذِبَ. قال: هذا وقد هوَّنَّا عليكَ المَوْتَ.
ويُروى أنَّ عيسى ﵇ كان إذا ذكرَ الموت يقطُرُ جِلدُه دمًا، وكان يقولُ للحواريِّين: ادعُوا الله أنْ يخفِّفَ عَنِّي الموتَ، فلقَدْ خِفْتُ المَوْتَ خوفًا أوقعني (^٧) مخافَة الموتِ على المَوْتِ.
(^١) الغَبُوق: شُرْبُ العشيِّ. والصَّبوح: ما شرب غدوة، أي صباحًا. (^٢) في (آ): "منه". (^٣) رواه البخاري رقم (٦٥٠٢) في الرقاق، باب: التواضع، من حديث أبي هريرة، ﵁، ورواه الإِمام أحمد في "المسند" ٦/ ٢٥٦ من حديث عائشة، ﵂. (^٤) قوله: "كما رواه البخاري" لم يرد في آ، ش، ع. وقوله: "ولا بد له منه" لم يرد عند البخاري والإِمام أحمد. (^٥) السَّلَى: الجلدُ الرقيق الذي يخرج فيه الولد من بطن أمِّه ملفوفًا فيه. وقيل: هو في الماشية السَّلَى، وفى الناس المشيمة. (^٦) السّفُّود: حديدة ذاتُ شُعب معقّفة، يُشوى به اللحم. (^٧) في المطبوع: "أوقفني".
1 / 197