124

Lataif Isharat

لطائف الإشارات = تفسير القشيري

Investigator

إبراهيم البسيوني

Publisher

الهيئة المصرية العامة للكتاب

Edition Number

الثالثة

Publisher Location

مصر

ويسأل هاهنا سؤال فيقال: كيف قال إبراهيم صلوات الله عليه: «أَسْلَمْتُ» ولم يقل نبيّنا ﷺ حينما قيل له اعلم «علمت»؟. والجواب عن ذلك من وجوه: منها أن النبي ﷺ قال «أنا أعلمكم بالله «١»» ولكن لم يرد بعده شرع فكان يخبر عنه بأنه قال علمت. ويقال: إن الله سبحانه أخبر عن الرسول ﵇ بقوله: «آمن الرسول» لأن الإيمان هو العلم بالله ﷾، وقول الحق وإخباره عنه أتمّ من إخباره- ﵇ عن نفسه. والآخر أن إبراهيم لما أخبر بقوله: «أسلمت» اقترنت به البلوى، ونبيّنا- ﷺ يتحرز عما هو صورة الدعوى فحفظ وكفى. والآخر أن إبراهيم ﵇ أمر بما يجرى مجرى الأفعال، فإن الاستسلام به إليه يشير. ونبينا ﷺ أمر بالعلم، (ولطائف العلم أقسام) «٢» . قوله جل ذكره: [سورة البقرة (٢): آية ١٣٢] وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢) أخبر أن إبراهيم ﵇ وصّى بنيه، وكذلك يعقوب ﵇ قال لبنيه لا يصيبنكم الموت إلا وأنتم يوصف الإسلام. فشرائعهم- وإن اختلفت فى الأفعال- فالأصل واحد، ومشرب التوحيد لا ثانى- له فى التقسيم- وقوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ»

(١) «أنا أعلمكم بالله وأخشاكم لله» . البخارى عن أنس «والله إنى لأخشاكم وأتقاكم له» . والشيخان عن عائشة «والله إنى لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية» . [.....] (٢) هنا وضع الناسخ علامة تدل على أنه أخطأ فى الثقل، ولهذا فإن العبارة التى وردت فى (ص) مضطربة وقد آثرنا أن نلتقط منها ما نرجح أنه ملائم للمعنى. فالمقصود أن إبراهيم ﵇ عبّر بقوله «أسلمت» وهذا فعل إنسانى بينما لم يقل الرسول (ص) «علمت» لأن العلم ليس كسبا للعبد وإنما هو قسمة له أى أنه من عين الجود لا من قبيل المجهود، والله أعلم.

1 / 127