فَالْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وإنكاره ومحاولة تَغْيِيره من مَكَارِم الْأَخْلَاق الإيمانية لما فِيهَا من خدمَة اجتماعية، وصيانة للمجتمعات عَن الانزلاق فِي مزالق الانحراف، وَلذَلِك حرص الْإِسْلَام حرصا شَدِيدا على جعل كل الْمُسلمين وَالْمُسلمَات حرّاسًا لأسوار الْفَضَائِل وتعاليم الدّين الحنيف فَمن جَاهد مِنْهُم المنحرفين بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤمن وَمن جاهدهم بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤمن وَمن جاهدهم بِقَلْبِه فَهُوَ مُؤمن وَلَيْسَ وَرَاء ذَلِك من الْإِيمَان حَبَّة خَرْدَل.
فوظيفة حراسة الْمُجْتَمع لحمايته من الانحراف وَظِيفَة اجتماعية لَا يجوز التخلي عَنْهَا فِي أَي حَال من الْأَحْوَال فَإِذا حدث ذَلِك تعرضت الْأمة كلهَا للعقوبة الْعَامَّة١.
وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن حُذَيْفَة، عَن النَّبِي ﷺ قَالَ: "وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهون عَن الْمُنكر أَو ليوشكن الله أَن يبْعَث عَلَيْكُم عقَابا مِنْهُ ثمَّ تَدعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَاب لكم" ٢.
جـ - تتطلب الدعْوَة إِلَى الله تَعَالَى الصَّبْر من الدَّاعِي فِي سَبِيل مَا يلقاه من أَعدَاء دَعوته، ذَلِك لِأَن النَّاس أَعدَاء لما جهلوا، وتحويلهم من عقيدة اعتنقوها فَتْرَة من الزَّمن، وَلَو كَانَت بَاطِلَة إِلَى عقيدة أُخْرَى لم يألفوها وَإِن كَانَت هِيَ الْحق، أَمر صَعب على النُّفُوس، وَلِهَذَا أوصى لُقْمَان ابْنه بِالصبرِ يَقُول الْحق ﵎ على لِسَان لُقْمَان ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ ٣، لِأَن الْإِنْسَان عِنْدَمَا يتَعَرَّض لدَعْوَة النَّاس إِلَى الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر، لابد أَن يتَصَدَّى لَهُ أهل الشَّرّ، ويناله مِنْهُم أَذَى وَلَو كَانَ قَلِيلا، فَأمر لُقْمَان ابْنه بِالصبرِ عَلَيْهِ.