143

Al-Lāmiʿ al-Ṣabīḥ bi-sharḥ al-Jāmiʿ al-Ṣaḥīḥ

اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح

Editor

لجنة مختصة من المحققين بإشراف نور الدين طالب

Publisher

دار النوادر

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

سوريا

Genres

به)، ومِن: (واتركُوا ما يقُول آباؤكم)، والذي يقوله آباؤهم هو الأمر بعِبادة الأَوثان، وإنما ترَك الصِّلَة وهي موجودةٌ في كلام أبي سُفْيان؛ لدُخولها في العَفاف؛ لأنَّه الكَفُّ عن المَحارِم، وخَوارِم المُروءة.
فإنْ قيل: لِمَ لم يراعِ هِرَقْلُ الترتيبَ السَّابقَ بل قدَّم سُؤال الاتهام على سُؤال الأَتْباع، والزِّيادة، والارتداد؛ قيل: لأنَّ الواو ليست للتَّرتيب، أو لشِدَّة اهتمامه بنَفْي الكَذِب على الله تعالى.
فإنْ قيل: السُّؤال من أَحدَ عشَر وَجْهًا، والمُعاد في كلام هِرَقْل تسعةٌ، وأَسقط السُّؤال عن القِتال، وعن كيفيَّته.
قيل: لأن مقصودَه بيانُ علامات النُّبوَّة، وأَمْر القِتال لا دَخلَ له فيها إلا بالنَّظَر للعاقِبَة، وهي إذْ ذاك مُغيَّبةٌ، أو أنَّ الرَّاوي اكتفَى بذلك هنا، وذكَره في حديثٍ آخَر كما رواه البخاريّ في (الجهاد)، في (باب دُعاء النّبيّ ﷺ للإسلام)، وفيه: (وسألتُكَ هل قاتَلتُموهُ وقاتلَكُم؟ فَزعمتَ أن قد فعَل، وأنَّ حَرْبكم وحَرْبه تكُون دُوَلًا، وكذلك الرُّسُل تُبتلَى، وتكون لها العاقِبَة)؛ أي: وحِكْمة هذا الابتِلاء عِظَم أَجْرهم بكثْرة صبرهم، وبذْلهم وسَعْيهم في طاعته تعالى.
(كُنْتُ أعلم) مَأْخذه إمّا من القَرائن العقليَّة، وإما مِن الأحوال العاديَّة، وإما من الكتُب القديمة.
(أَخْلُصُ)؛ أي: أَصِلُ.
(لَتَجَشَّمْتُ) بجيمٍ، ثمّ معجَمةٍ (١)، أي: تكلَّفْتُ لمَا فيه من

(١) "بجيم ثمّ معجمة" ليس في الأصل.

1 / 92