لفْظ الرِّوايتين، وتوافُقهما في المعنى، وهو الخَشْية على نفْسه.
واعلم أنَّ فائدة المُتابَعة التَّقْوية، ولهذا تقَع بروايةِ مَنْ لا يُحتجُّ بحديثه مُنفرِدًا، والمُتابعة الثّانية إنّما لم تُجعل أصلًا؛ لأنَّ شَرْط البخاريّ كما قال الحاكم -وإنْ لم يُوافِقْه غيره على ذلك-: أنْ يكون عن الصَّحابي راويان، والمُتابَعة النَّاقصة تُشبه التَّعليق.
* * *
٥ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلهِ تَعَالَى: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦]. قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفتيْهِ -فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَنَا أُحَرِّكهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُحَرِّكُهُمَا، وَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أحُرِّكهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكهُمَا -فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ- فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٦، ١٧]. قَالَ: جَمْعُهُ لَهُ فِي صَدْرِكَ، وَتَقْرَأَهُ، ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٨]. قَالَ: فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصتْ، ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة: ١٩]. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أتاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِي ﷺ كَمَا قَرَأَهُ.