خلقًا، وأَطْهَرُ منه عِرْضًا) فـ (عِرْضًا) وما تقدَّم مثله، منصوب على التّمييز؛ لاحتماله وُجوهًا.
وقد يُستغنى بتقدير (مِنْ) عن ذكرها لدليل، ويكثُر ذلك إذا كان أفعل التّفضيل خبرًا١، كقوله تعالى: ﴿وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ ٢، ويجوز أن تحذف (مِنْ)، فتقول: (زيدٌ أحسن خُلقًا، وأنظفُ ثوبًا) .
وإنْ كان (أفعل) مضافًا، نحو: (زَيْدٌ أفضلُ القوم)؛ أو معرّفًا باللاّم، نحو: (زَيْدٌ الأفضل) لم يجز اتّصاله بـ (من) .
وأمّا قولُ الشّاعر:
وَلَسْتَ بِالأَكْثَرِ مِنْهُمْ حَصًى ... وَإِنَّمَا العِزَّةُ لِلْكَاثِرِ٣
١ ويقلُّ الحذفُ إذا كان حالًا، كقول الشّاعر:
دَنَوْتِ وَقَدْ خِلْنَاكِ كَالْبَدْرِ أَجْمَلاَ ... فَظَلَّ فُؤَادِي فِي هَوَاكِ مُظلَّلاَ
أي: دَنَوْتِ أجمل من البدر.
أو صفة، كقوله:
تَرَوَّحِي أَجْدَرَ أَنْ تَقِيلِي ... غَدًا بِجَنْبَيْ بَارِدٍ ظَلِيلِ
أي: تَرَوّحي وأْتِي مكانًا أجدر من غيره بأن تقيلي فيه.
يُنظر: شرح التّسهيل ٣/٥٧، وشرح الكافية الشّافية ٢/١١٢٩، وابن النّاظم ٤٨٠، وأوضح المسالك ٢/٢٩٥، ٢٩٦، وابن عقيل ٢/١٦٦، والتّصريح ٢/١٠٣، والأشمونيّ ٣/٤٥.
٢ أي: من الحياة الدّنيا. سورة الأعلى، الآية: ١٧.
٣ هذا بيتٌ من السّريع، وهو للأعشى الكبير، من قصيدة يهجو فيها علقمة بن علاثة الصّحابيّ ﵁، ويمدح فيها ابن عمّه عامر بن الطّفيل في المنافرة الّتي وقعت بينهما.
و(حَصَىً) المراد به ههنا: العدد من الأعوان والأنصار. و(العزّة): القوّة والغَلَبة. و(الكاثر): الغالب في الكثرة والكثير.
والشّاهد فيه: (بالأكثر منهم) حيث جمع فيه بين الألف واللاّم و(من)؛ وذلك ممتنعٌ، وقد خرّجه الشّارح ﵀.
يُنظر هذا البيتُ في: نوادر أبي زيد ٢٥، والاشتقاق ٦٥، والخصائص ١/١٨٥، ٣/٢٣٤، وشرح المفصّل ٣/٦، وشرح الكافية الشّافية ٢/١١٣٥، وابن النّاظم ٤٨١، وأوضح المسالك ٢/٣٠٠، والمقاصد النّحويّة ٤/٣٨، والتّصريح ٢/١٠٤، والخزانة ٨/٢٥٠، والدّيوان ١٤٣.